للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في بيت آخر بمكة، فجاءت إليه فوجدته يغتسل، فيصح القولان (١).

وقد حكى القاضي عياض عن قوم أنه ليس في حديث أم هانئ دلالة على أنه صلى الضحى، قالوا: وإنما هي سنة الفتح، وقد صلاها خالد بن الوليد في بعض فتوحه كذلك.

وقال عياض أيضًا: ليس حديث أم هانئ بظاهر في أنه قصد بها سنة الضحى، وإنما فيه أنها أخبرت عن وقت صلاته فقط، وقد قيل: إنها كانت قضاء عما شغل عنه تلك الليلة من حزبه فيه، وتعقبه النووي بأن الصواب صحة الاستدلال به لما رواه أبو داود وغيره من طريق كريب، عن أم هانئ أن النبي صلى يسبحة الضحى، ولمسلم في كتاب الطهارة من طريق أبي مرة عن أم هانئ في قصة اغتساله يوم الفتح "ثم صلى ثمان ركعات سبحة الضحى" فتح الباري: ٣/ ٥٤.

قلت: وسواء كانت هذه الصلاة التي صلاها هي صلاة الفتح أو سنة الضحى، فالمهم أنه صلاها، فإن صلاها المرء كسنة للضحى فهو على خير، وإن صلاها عند الفتح فهو على خير، والصحيح الذي أرجحه أن سنة الضحى ثابتة لكثرة الأحاديث الواردة في الحث عليها، وإن كان البعض من السلف يرى أنها غير ثابتة كما جاء عن ابن عمر عند البخاري "قال مورق لابن عمر : أتصلي الضحى؟ قال: لا. قلت: فعمر؟ قال: لا، قلت: فأبو بكر؟ قال: لا. قلت: فالنبي ؟ قال: لا أخاله" (٢).

وكان سبب توقف ابن عمر في ذلك أنه بلغه عن غيره أنه صلاها، ولم يثق بذلك عمن ذكره، وقد جاء عنه الجزم بأنها محدثة لما روى سعيد بن منصور بإسناد صحيح عن مجاهد عن ابن عمر أنه قال: إنها محدثة لأنها لمن أحسن ما أحدثوا، ولما روى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن الحكم بن الأعرج عن الأعرج قال: سألت ابن عمر عن صلاة الضحى فقال: بدعة، ونعمت البدعة. ولما روى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن سالم عن أبيه قال: لقد قتل عثمان وما أحد يسبحه، وما أحدث الناس شيئًا أحب إلي منها، ولما روى ابن أبي شيبة بإسناد


(١) فتح الباري: ٣/ ٥٣.
(٢) البخاري في التطوع والتهجد باب صلاة الضحى في السفر حديث رقم: ١١٧٥.

<<  <   >  >>