للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقولون: يا معشر الأنصار! يا معشر الأنصار! ثم قصرت الدعوة علي بني الحارث بن الخزرج، فقالوا: يا بني الحارث بن الخزرج!، يا بني الحارث بن الخزرج فنظر رسول الله ، وهو على بغلته، كالمتطاول عليها، إلى قتالهم، فقال رسول الله : (هذا حين سمي الوطيس) (١).

قال: ثم أخذ رسول الله حصيات، فرمي بهن وجوه الكفار. ثم قال: (انهزموا، ورب محمد!) قال: فذهبت أنظر، فإذا القتال على هيئته فيما أرى. قال: فوالله ما هو إلا أن رماهم بحصياته. فما زلت أرى حدّهم كليلًا (٢) وأمرهم مدبرًا" (٣).

قال النووي "قال العلماء: في هذا الحديث دليل على أن فرارهم لم يكن بعيدًا، وأنه لم يحصل الفرار من جميعهم، وإنما فتحه عليهم من في قلبه مرض من مسلمة أهل مكة المؤلفة ومشركيها الذين لم يكونوا أسلموا، وإنما كانت هزيمتهم فجأة لانصبابهم عليهم دفعة واحدة، ورشقهم بالسهام، ولاختلاط أهل مكة معهم ممن لم يستقر الإيمان في قلبه، وممن يتربص بالمسلمين الدوائر، وفيهم نساء وصبيان خرجوا للغنيمة، فتقدم أخفاؤهم، فلما رشقوهم بالنبل ولوا، فانقلبت أولاهم على أخراهم إلى أن أنزل الله سكينته على المؤمنين، كما ذكر الله تعالى في القرآن" (٤).

٦٩٣ - من حديث أنس قال: "التقى يوم حنين أهل مكة وأهل المدينة، واشتد القتال فولوا مدبرين، فندب رسول الله الأنصار فقال: (يا معشر المسلمين أنا رسول الله) فقالوا: إليك والله جئنا، فنكسوا رؤوسهم، ثم قاتلوا حتى فتح الله عليهم" (٥).

وقد جاء في أحاديث المفاجأة والهزيمة، وثبات النبي فوائد كثيرة ذكرها


(١) هذا حين حمي الوطيس: الضرب في الحرب.
(٢) حدهم كليلًا: ما زلت أرى قوتهم ضعيفة.
(٣) أخرجه مسلم في الجهاد باب في غزوة حنين حديث رقم: ١٧٧٥، وأحمد في المسند: ٧/ ٢٠١، وعبد الرزاق في المصنف حديث رقم: ٩٧٤١، وابن هشام في السيرة: ٢/ ٤٤٤، والحاكم في المستدرك: ٣/ ٣٢٧، ٣٢٨، والنسائي في الكبرى كما أشار إلى ذلك في تحفة الأشراف حديث رقم: ٥١٣٤.
(٤) شرح صحيح مسلم النووي: ١٢/ ١١٥.
(٥) أخرجه الحاكم في المستدرك: ٣/ ٤٨، وقال: حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

<<  <   >  >>