للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الأرض، فرمى بها وجوههم، وقال: (ارجعوا شاهت الوجوه)، فما من أحد يلقى أخاه إلا وهو يشكو القذى، ويمسح عينيه" (١).

٦٩٦ - ومن حديث سلمة بن الأكوع قال: "غزونا مع رسول الله حنينًا، فلما واجهنا العدو تقدمت، فأعلو ثنية، فأستقبل رجلًا من العدو، فأرميه بسهم وتوارى عني، فما دريت ما صنع.

ثم نظرت إلى القوم، فإذا هم قد طلعوا من ثنية أخرى، فالتقوا هم وصحابة للنبي ، فولى صحابة النبي ، فأرجع منهزمًا وعلي بردتان مؤتزرًا بإحداهما، مرتديًا بالأخرى، قال: فاستطلق إزاري (٢)، فجمعتها جمعًا، ومررت على رسول الله منهزمًا (٣) وهو على بغلته الشهباء، فقال رسول الله : (لقد رأى ابن الأكوع فزعًا).

فلما غشوا رسول الله نزل عن البغلة، ثم قبض قبضة من تراب من الأرض، ثم استقبل به وجوههم، فقال: (شاهت الوجوه) (٤) فما خلق الله منهم إنسانًا إلا ملأ عينيه ترابًا بتلك القبضة، فولوا مدبرين فهزمهم الله، وقسم رسول الله غنائمهم بين المسلمين" (٥).

قلت: جاء في الأحاديث السابقة أنه قد تناول كفًّا من تراب أو حصى، ورمى بها المشركين، وقد جاء من حديث ابن مسعود، فيما مضى أيضًا أنه طلب منه أن يناوله كفًّا من التراب فرمى به المشركين، ومن حديث ابن عباس أنه طلب من علي أن يناوله التراب، فرمى به المشركين، ويجمع بين هذه الأحاديث أنه أولًا قال لصاحبه ناولني، فناوله، فرماهم، ثم نزل عن البغلة، فأخذ


(١) أخرجه الطبراني في الكبير: ٢٢/ ٢٣٧، رقم: ٦٢٢، والبخاري في التاريخ الكبير: ٤/ ٢ / ٣١٦، المطالب العالية: ٤٣٧٢، وعزاه إلى عبد بن حميد، وسكت عنه البوصيري، وقال الهيثمي في المجمع: ٦/ ١٨٢ - ١٨٣: رواه الطبراني، ورجاله ثقات.
(٢) فاستطلق إزاري: انحل لاستعجالي.
(٣) منهزمًا: قال العلماء: قول منهزمًا، حال من ابن الأكوع، كما صرح أولًا بانهزامه، ولم يرد أن النبي انهزم وقد قالت: الصحابة كلهم : إنه ما انهزم، ولم يقل أحد قط أنه انهزم في موطن من المواطن، وقد نقلوا إجماع المسلمين على أنه لا يجوز أن يعتقد انهزامه ، ولا يجوز ذلك عليه.
(٤) شاهت الوجوه: أي قبحت.
(٥) أخرجه مسلم في باب غزوة حنين حديث رقم: ١٧٧٧.

<<  <   >  >>