للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حين تعالى النهار (١) قال: فوجدته في بيته جالسًا على سرير، مفضيًا إلى رماله (٢) متكئًا على وسادة من أدم. فقال لي: يا مال (٣) إنه قد دف أهل أبيات من قومك (٤)، وقد أمرت فيهم برضخ (٥) فخذه فاقسمه بينهم. قال: قلت: لو أمرت بهذا غيري؟.قال: خذه يا مالُ!

قال: فجاء يرفأ (٦) فقال: هل لك يا أمير المؤمنين في عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد؟ فقال عمر: نعم. فأذن لهم، فدخلوا، ثم جاء فقال: هل لك في عباس وعليّ؟ قال: نعم. فأذن لهما.

فقال عباس: يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا الكذاب الآثم الغادر الخائن، فقال القوم: أجل. يا أمير المؤمنين! فاقض بينهم وارحهم. (فقال مالك بن أوس: يخيل إلي أنهم قد كانوا قدموهم لذلك).

فقال عمر: اتئدا. أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض! أتعلمون أن رسول الله قال: "لا نورث ما تركنا صدقة" قالوا: نعم. ثم أقبل على العباس وعلي فقال: أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض! أتعلمان أن رسول الله قال: "لا نورث ما تركناه صدقة" قالا: نعم.

فقال عمر: إن -الله ﷿ كان خص رسوله بخاصته لم يخصص بها أحد غيره. قال: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ﴾ (٧) (ما أدري هل قرأ الآية التي قبلها أم لا) قال: فقسم رسول الله بينكم أموال بني النضير، فوالله ما استأثر عليكم، ولا أخذها دونكم، حتى بقي هذا المال، فكان رسول الله يأخذ منه نفقة سنة. ثم يجعل ما بقي أسوة المال. ثم قال: أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض! أتعلمون ذلك؟ قالوا:


(١) تعالى النهار: ارتفع.
(٢) مفضيًا: ليس بينه وبين رماله شيء.
(٣) يا مال: ترخيم لمالك.
(٤) دف أهل أبيات: جاءوا مسرعين للضر الذي نزل بهم.
(٥) رضخ: عطية قليلة.
(٦) يرفأ: حاجب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.
(٧) سورة الحشر: ٧.

<<  <   >  >>