وقد جاء عند أبي نعيم في الدلائل، أن قريشًا بعثت إلى النجاشي في أمر المهاجرين مرتين.
الأولى: مع عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد، والثانية: مع عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة، وكانت البعثة الثانية بعد وقعة بدر، قال الزهري: لينالوا من هناك ثأرًا، فلم يجبهم النجاشي ﵁ إلى شيء مما سألوا.
فالبعثة الثانية: هي ما جاء في حديث أم سلمة الطويل السابق، وهي بعثة عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة.
والبعثة الأولى: هي ما جاء في حديث أبي موسى الأشعري اللاحق، وهي بعثة عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد.
٩٥ - من حديث أبي موسى الأشعري ﵁ قال: (أمرنا رسول الله ﷺ أن ننطلق مع جعفر بن أبي طالب إلى النجاشي، فبلغ ذلك قريشًا، فبعثوا عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد، وجمعا للنجاشي هدية، وقدما على النجاشي فأتياه بالهدية فقبلها وسجدا له، ثم قال عمرو بن العاص: إن ناسًا من أرضنا رغبوا عن ديننا وهم في أرضك، فقال لهم النجاشي: في أرضي قالوا: نعم. فبعث إلينا، فقال لنا جعفر: لا يتكلم أحد منكم أنا خطيبكم اليوم.
فانتهينا إلى النجاشي وهو جالس في مجلس وعمرو بن العاص عن يمينه وعمارة عن يساره والقسيسون والرهبان جلوس سماطين، وقد قال له عمرو وعمارة إنهم لا يسجدون لك، فلما انتهينا بدرنا من عنده من القسيسين والرهبان: اسجدوا للملك.
فقال جعفر: إنا لا نسجد إلا لله. قال له النجاشي: وما ذاك؟ قال إن الله بعث إلينا رسولًا، وهو الرسول الذي بشرنا به عيسى ﵇ ﴿مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ فأمرنا أن نعبد الله ولا نشرك به شيئًا، وأمرنا أن نقيم الصلاة، وأن نؤتي الزكاة، وأمرنا بالمعروف ونهانا عن المنكر.
فأعجب النجاشي قوله، فلما رأى ذلك عمرو قال: أصلح الله الملك، إنهم يخالفونك في ابن مريم. فقال النجاشي: ما يقول صاحبكم في ابن مريم؟ قال: