للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: ونزلت الآيات من آخر يس" (١).

١٠٧ - من حديث ابن عباس :

(أن أبا معيط كان يجلس مع النبي بمكة لا يؤذيه، وكان رجلًا سليمًا، وكان بقية قريش إذا جلسوا معه آذوه، وكان لأبي معيط خليل غائب عنه بالشام، فقالت قريش: صبأ أبو معيط، وقدم خليله من الشام ليلًا فقال لامرأته: ما فعل محمَّد مما كان عليه؟ فقالت: أشد مما كان أمر، فقال: ما فعل خليلي أبو معيط؟ فقالت: صبأ. فبات بليلة سوء، فلما أصبح أتاه أبو معيط فحياه فلم يرد عليه التحية.

فقال: ما لك لا ترد عليَّ تحيتي؟ فقال: كيف أرد عليك تحيتك وقد صبوت؟

فقال: أو قد فعلتها قريش؟ قال: فما يبرئ صدورهم إن أنا فعلت؟

فقال: تأتيه في مجلسه وتبزق في وجهه، وتشتمه بأخبث ما تعلمه من الشتم، ففعل فلم يزد النبي أن مسح وجهه من البزاق، ثم التفت إليه فقال: إن وجدتك خارجًا من جبال مكة، أضرب عنقك صبرًا.

فلما كان يوم بدر وخرج أصحابه، أبي أن يخرج، فقال له أصحابه: اخرج معنا.

قال: قد وعدني هذا الرجل، إن وجدني خارجًا من جبال مكة أن يضرب عنقي صبرًا".

فقالوا: لك جمل أحمر، لا يُدرك، فلو كانت الهزيمة طرت عليه، فخرج معهم فلما هزم الله المشركين، وحَّل به جمله في جدد من الأرض. فأخذه رسول الله أسيرًا في سبعين من قريش، وقدم إليه أبو معيط فقال: تقتلني من بين هؤلاء؟ قال: نعم بما بزقت في وجهي، فأنزل الله في أبي معيط ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ﴾ إلى قوله ﴿وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا﴾ (٢).


(١) أخرجه الحاكم: ٢/ ٤٢٩ من طريق عمرو بن عون عن هُشيم وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقال ابن كثير في التفسير: ٣/ ٥٨١، أخرجه ابن أبي حاتم.
(٢) الدر المنثور: ٥/ ٦٨ وقال أخرجه ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل رقم: ٤٠١ بسند صحيح من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس، وفي رواية عبد الرزاق المرسلة- عقبة أبي معيط.
والوحل: الطين الرقيق ووحل الرجل أي وقع في الوحل.

<<  <   >  >>