للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما يؤديه إلى سيده كسب عبده، وإنما جعل الشرع هذا العقد وسيلة إلى العتق وأوجب فيه التأجيل مبالغة في تحصيل العتق وتخفيفا عن المكاتب، فإذا عجل على وجه يسقط به بعض ما عليه كان أبلغ في حصول العتق وأخف على العبد، ولهذا فارق سائر الديون، ويفارق الأجانب من حيث إنه عبده فهو أشبه بعبده القن (١)، وإن اتفقا على الزيادة في الأجل والدين كأن حل عليه نجم [فقال] (٢): أخره إلى كذا وأزيد كذا لم يجز؛ لأنه يشبه ربا الجاهلية المحرم، ويلزم سيدا عجل لمكاتبه كتابته أخذ معجله بلا ضرر عليه في قبضها، فإن أبى أخذها بلا ضرر جعلها إمام في بيت المال وحكم بعتقه، رواه سعيد في سننه عن عمر وعثمان (٣)، ولأن الأجل حق لمن عليه الدين فإذا قدمه فقد أسقط حقه فسقط كسائر الحقوق، فإن كان على السيد ضرر في قبضها كأن دفعها إليه بطريق مخوف أو احتاجت إلى مخزن كالطعام ونحوه لم يلزمه أخذها؛ لأنه لم يلزمه التزام ضرر لا يقتضيه العقد ولا يعتق ببذله إذا، ومتى بان بعوض دفعه مكاتب لسيده [عيب] (٤) فله أرشه إن أمسكه أو عوضه إن رده؛ لأن إطلاق عقد الكتابة يقتضي سلامة عوضها، وقد تعذر رد المكاتب رقيقا فوجب أرش العيب أو عوض المعيب جبرا لما (٥) اقتضاه إطلاق العقد، ولم يرتفع عتقه؛ لأنه إزالة ملك بعوض فلا


(١) في الأصل: بعده القن اشبه.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل.
(٣) لم أقف عليه في سنن سعيد بن منصور المطبوع، وأخرجه عنهما عبد الرزاق برقم (١٥٧١٣ - ١٥٧١٤) المصنف ٨/ ٤٠٤ - ٤٠٥، وابن أبى شيبة برقم (٢٥٨٨ - ٢٥٨٩ - ٢٥٩٠) الكتاب المصنف ٧/ ١١٩ - ١٢٠، والبيهقي في السنن الكبرى ١٠/ ٣٣٤ - ٣٣٥.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، ويقتضيه السياق.
(٥) في الأصل: لمال.