واجبة، "وكان عليه السلام إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه، فمن خرجت لها القرعة خرج بها معه" متفق عليه (١)، وإذا سافر بها بقرعة إلى محل ثم بدى له غيره ولو أبعد منه فله أن يصحبها معه، فإن رضين بالبداءة بإحداهن أو السفر بها جاز، لأن الحق لا يخرج عنهن، ويقضي لبقية زوجاته مع قرعة في سفر بإحداهن، أو مع رضاهن بسفر بمعينة منهن ما تعقبه سفر، أو إقامة في البلد الذي سافر إليه، أو تخلل سفره من إقامة لتساكنهما إذًا، لا زمن مسيره وحله وترحاله، لأنه لا يسمى سكنًا، ويقضي من سافر بواحدة من زوجتيه أو زوجاته بدون قرعة أو رضاهن جميع غيبته حتى زمن سيره وحله وترحاله، سواء طال السفر أو قصر؛ لأنه خص بعضهن على وجه يلحقه فيه تهمة فلزمه القضاء كما لو كان حاضرًا، وإن سافر باثنتين بقرعة آوى إلى كل ليلة في رحلها كخيمتها ونحوها، فإن كانتا في رَحِله فلا قسم إلا في الفراش، ومتى بدأ في القسم بواحدة من نسائه بقرعة أو لا لزمه مبيت ليلة آتية عند ثانية ليحصل التعديل بينهما في الأولى وتدارك الظلم في الثانية، ويحرم على زوج أن يدخل إلى غير ذات ليلة فيها إلا لضرورةٍ، كأن تكون منزولًا بها فيريد أن يحضرها، أو توصي إليه، أو في نهارها إلا لحاجة كعيادة، أو سؤال عن أمرٍ يحتاج إليه، أو دفع نفقةٍ، أو زيارة لبعد عهده بها، فإن دخل إليها ولم يلبث لم يقض، لأنه لا فائدة في قضاء الزمن اليسير، وإن لبث أو جامع لزمه قضاء لبث وجماع ولا يلزمه قضاء قبلة ونحوها من حق الأخرى، لحديث عائشة: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يدخل عَلَيَّ في يوم غيري، فينال مني
(١) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- أخرجه البخاري، باب القرعة بين النساء إذا أراد سفرًا، كتاب النكاح برقم (٥٢١١) صحيح البخاري ٧/ ٢٩ - ٣٠، ومسلم، باب في فضل عائشة، كتاب فضائل الصحابة برقم (٢٤٤٥) صحيح مسلم ٤/ ١٨٩٤.