ليطلق فليس كمكره بل يقع طلاقه، لأن ضرره يسير، ومن قصد إيقاع الطلاق وقد أخره عليه دون دفع الإكراه وقع طلاقه، أو أكره على طلاق معينة فطلق غيرها، أو أكره على طلقة فطلق أكثر وقع طلاقه؛ لأنه غير مكره عليه، ولا يقع طلاق إن أكره على طلاق مبهمة من نسائه فطلق معينة، أو ترك التأويل بلا عذر لعموم الخبر، وينبغي له إذا أكره على الطلاق وطلق أن يتأول خروجا من الخلاف.
وإكراه على عتق وعلى يمين باللَّه وعلى ظهار كإكراه على طلاق فلا يؤاخذ بشيء منها في حال لا يؤاخذ فيها بالطلاق، ولا يقال: لو كان الوعيد إكراها لكنا مكرهين على العبادات فلا ثواب، لأن أصحابنا قالوا: يجوز أن يقال: إننا مكرهون عليها والثواب بفضله لا مستحقا عليه عندنا، ثم العبادات تفعل للرغبة ذكره في "الانتصار"(١)، ويقع الطلاق في النكاح المختلف في صحته كالنكاح بولاية فاسق أو بشهادة فاسقين، أو نكاح الأخت في عدة أختها ونحو ذلك؛ لأن الطلاق إزالة ملك بني على التغليب والسراية فجاز أن ينفذ في العقد الفاسد إذا لم يكن في نفوذه إسقاط لحق الغير، كالعتق ينفذ في الكتابة الفاسدة بالأداء كما ينفذ في الصحيحة، ويكون الطلاق في الفاسد بائنا فلا يستحق عوضا سئل عليه ما لم يحكم بصحته فيكون كالصحيح المتفق عليه، ولا يكون الطلاق في نكاح مختلف فيه بدعيا في حيض فيجوز فيه، لأن الفاسد لا يجوز استدامته كابتدائه ولا يسمى طلاق بدعة، ولا يصح خلع في نكاح فاسد لخلوه عن العوض، لأنه إذا كان الطلاق بائنا بلا عوض فلا يستحق عوضا ببذله؛ لأنه لا مقابل للعوض، ولا يقع طلاق في نكاح باطل إجماعا، كمعتدة وخامسة.
(١) ينظر: كتاب الفروع ٥/ ٣٦٩، وكشاف القناع ٥/ ٢٣٦. "الانتصار في مسائل الكبار"، وهو الخلاف الكبير، للإمام العلامة محفوظ بن أحمد بن حسن الكلوذاني، أبو الخطاب البغدادي. ينظر: الذيل ١/ ١١٦، والمدخل لابن بدران ص ٤١٩.