للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متراخيا وقع لوجود مشيئتهما، وإن قال لها: أنت طالق إن شاء زيد فشاء ولو كان مميزا يعقل المشيئة حينها، أو كان أخرس فشاء بإشارة مفهومة وقع الطلاق لصحته من مميز يعقله ومن الأخرس بالإشارة.

(وإن علقه على مشيئة اللَّه تعالى) كقوله: أنت طالق إن شاء اللَّه تعالى (تطلق في الحال، وكذا عتق)، فإذا قال لعبده: أنت حر إن شاء اللَّه تعالى يعتق في الحال نصا (١)، وذكر قول قتادة "شاء اللَّه الطلاق حين أذن فيه" (٢)، ولأنه تعليق على ما لا سبيل إلى علمه فبطل كما لو علقه على شيء من المستحيلات، ولأنه إنشاء حكم في محل فلم يرتفع بالمشيئة كالبيع والنكاح، ولأنه يقصد بإن شاء اللَّه تأكيد الوقوع.

وإن قال لامرأته: أنت طالق إن قمت إن شاء اللَّه، أو أنت طالق إن لم تقومي إن شاء اللَّه، أو قال لأمته مثلا: إن قمت أو إن لم تقومي فأنت حرة إن شاء اللَّه، فإن نوى رد المشيئة إلى الفعل لم يقع الطلاق والعتق بفعل ما حلف على تركه أو بترك ما حلف على فعله؛ لأن الطلاق والعتق [هنا] (٣) يمين، لأنه تعليق على ما يمكن فعله وتركه، فشمله عموم حديث ابن عمر يرفعه: "من حلف على يمين فقال: إن شاء اللَّه فلا حنث عليه"، رواه الخمسة إلا أبا داود (٤)، وعن أبي هريرة مرفوعا: "من حلف


(١) المغني ١٠/ ٤٧٢، والمقنع والشرح الكبير والإنصاف ٢٢/ ٥٦٢، والمحرر ٢/ ٧٢، وكتاب الفروع ٥/ ٤٥٢، والمبدع ٧/ ٣٦٣.
(٢) أورده ابن حزم وقال: "صح هذا عن سعيد بن المسيب، والحسن، والشعبي، والزهري، وقتادة، ومكحول، وهو أحد قولي الأوزاعي، ومالك، والليث. ا. هـ المحلى ١٠/ ٢١٧.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، والمثبت من شرح منتهى الإرادات ٣/ ١٧١.
(٤) أخرجه الترمذي، باب ما جاء في الاستثناء في اليمين، كتاب الأيمان والنذور برقم (١٥٣١) الجامع الصحيح ٤/ ٩١، وقال: "حديث حسن، وقد رواه عبيد اللَّه بن عمر وغيره عن ابن عمر =