القتل بما يفضي إليه غالبًا كما لو أنهشه حيَّةً أو أسدًا أو رماه بسهم، وأما القاتل فلأنه غير مسلوب الاختيار؛ لأنه قصد استبقاء نفسه بقتل غيره ولا خلاف في أنه يأثم ولو كان مسلوب الاختيار لم يأثم كالمجنون.
وإن أكْرِهَ على قتل غير معين كأحد هذين فليس إكراهًا فيقتل القاتل وحده.
وإن قال قادر على ما هدد به: اقْتُلْ نَفسك وإلا قَتَلْتُكَ فهو إكراه على القتل فيُقْتَلُ به إن قتل نفسه كما لو أكرِهَ عليه غيره.
(وَإِنْ أمَرَهُ بِهِ) أي القتل (غَيْرَ مُكَلَّفٍ) لصغير أو مجنون فقتل لزم القصاص الآمر لما تقدم، (أَوْ) أمر به (مَنْ) -أي شخصًا مكلفا- (يَجْهَلُ تَحْرِيْمَهُ) كمن نشأ بغير دار الإسلام فقتل لزم الآمر القصاص أجنبيا كان المأمور أو عبدًا للآمر؛ لأن المأمور غير العالم بحظر القتل له شبهة تمنع القصاص كما لو اعتقده صيدا، ولأن حكمة القصاص الردع والزجر ولا يحصل ذلك في معتقد الإباحة، وإذا لم يجب عليه القصاص وجب على الآمر.
(أو) أمر به (سُلْطَانٌ ظُلمًا مَنْ جَهِلَ ظُلْمَهُ فِيْهِ) أي في القتل (لَزِمَ) القصاصُ (الآمِرَ) لعذر المأمور لوجوب طاعة الإمام في غير المعصية، والظاهر أن الإمام لا يأمر إلا بحق، وإن علم الامور المكلف تحريمه لزمه القصاص لأنه غير معذور في فعله، لحديث:"لا طاعة لِمَخلُوقٍ في معصية الخَالقِ"(١) وحديث: "مَنْ أمَرَكم
(١) من حديث عليٍّ -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: أخرجه الإمام أحمد برقم (١٠٩٨) المسند ١/ ٢١٢، بهذا اللفظ، وبنحوه البخاري، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق، كتاب =