للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نذرها في مسجد المدينة أجزأته فيه وفي المسجد الحرام؛ لأنه أفضل منه، وإن نذرها في الأقصى أجزأته في الثلاثة وتقدم ما يعلم منه دليل ذلك، فإنْ عَيَّنَ بنذره مسجدًا غير الثلاثة لم يتعين، فيخير بين فعله وبين التكفير لحديث: "لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلا إلى ثلاثة مساجد" (١).

وإن نذر عتق رقبةٍ فعليه عتق ما يجزئ عن الواجب في نحو ظهار حملًا للنذر على المعهود شرعًا إلا أن يعينها فيُجزئه ما عينه، لكن لو مات المنذور المعين أو أتلفه ناذر قبل عتقه لزمه كفارة يمين بلا عتق نَصًّا (٢) لفوات محله، وعلى متلف لمنذور غير ناذر قيمته له لبقاء ملكه عليه، ولا يلزمه صرفها في العتق، ومن قال: إن ملكت عبد زيد فـ للَّه عَلَيَّ أن أعتقه بقصد القربة ألزم بعتقه إذا ملكه؛ لأنه نذر تبرر، وإن كان في لجاجٍ وغضبٍ خُيِّرَ بينه وبين كفارة يمين.

ومن نذر طوافًا أو سعيًا فأَقلُّه أُسْبُوعٌ حملًا على المعهود شرعًا، وإن نذر طوافًا أو سعيًا على أربع فعليه طوافان أو سعيان أحدهما عن يديه والأخرى عن رجليه، وهذا قول ابن عباس في الطواف رواه سعيد (٣) لقوله عليه السَّلام لكبشة بنت


(١) من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: أخرجه البخاري، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، كتاب أبواب التطوع برقم (١١٨٩) صحيح البخاري ٢/ ٥٤، ومسلم، باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، كتاب الحج برقم (١٣٩٧) صحيح مسلم ٤/ ١٠١٢.
(٢) المغني ١٣/ ٦٤١، والشرح الكبير والإنصاف ٢٨/ ٢٤٣، ٢٤٤، وشرح الزركشي ٧/ ٢١٥، والمبدع ٩/ ٣٤٤، وكشاف القناع ٦/ ٢٨٤.
(٣) ورواه أيضًا عبد الرزاق برقم (١٥٨٩٥) المصنف ٨/ ٤٥٧.