للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويحرم تساهل مفتٍ في الإفتاء لئلا يقول على اللَّه ما لا علم له به، ويحرم تقليد معروف به، ويقلد المجتهد العدل ولو ميتا لبقاء قوله في الإجماع، وكالحاكم والشاهد لا يبطل حكمه ولا شهادته بموته، قال الشافعي: "المذاهب لا تموت بموت أربابها" (١). ويفتي مجتهد فاسق نفسه فقط؛ لأنه ليس بأمين على ما يقول، وفي "أعلام الموقعين" (٢): الصواب جواز استفتاء الفاسق إلا أن يكون معلنًا بفسقه داعيا إلى بدعته.

ويجوز أن يقلد عامي من ظنه عالما ولو عبدا أو أنثى أو أخرس بإشارةٍ مفهومةٍ، وكذا من رآه منتصبا للإفتاء أو التدريس معظمًا؛ لأنه دليل علمه لا إن جهل عدالته فلا يجوز أن يقلده لاحتمال فسقه، ولمفتٍ رد الفتيا إن خاف غائلتها أو كان بالبلد عالم قائم مقامه لفعل السلف ولعدم تعين الإفتاء وإلا لم يجز له رد الفتيا لتعينها، كما لا يجوز قول حاكم لمن ارتفع إليه في حكومة: امْضِ إلى غيري ولو كان في البلد من يقوم مقامه؛ لأن تدافع الحكومات يؤدي إلى ضياع الحقوق.


(١) ينظر: فتاوى ومسائل ابن الصلاح ١/ ٨٧، والمجموع شرح المهذب ١/ ٩٥.
(٢) ٤/ ٢٢٠.
"أعلام الموقعين عن رب العالمين" الكتاب من تأليف الإمام العلامة شمس الدين أبو عبد اللَّه محمد ابن القيم المتوفى سنة ٧٥١ هـ، اشتمل على موضوعات عدة منها: المفتون في القرون الأولى، وآداب المفتي، وما لا يسع جهله، وفوائد تتعلق بالفتوى، وفتاوى إمام المفتين نبينا محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- في مواضيع عدة، ويقع الكتاب في أربعة أجزاء، وقد راجع نصوصه وعلق عليها بعض التعليقات طه عبد الرؤوف، نشر دار الجيل سنة ١٩٧٣ م.