للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والودائع ممن كان قاضيًا قبله؛ لأنه الأساس الذي يبنى (١) عليه، وهو في يد الحاكم بحكم الولاية وقد صارت إليه، ويأمر كاتبًا ثقةً يثبت ما تسلمه بمحضر عَدْلَيْنِ، ثم يخرج يوم الوعد بأعدل أحواله غير غضبان ولا جائع ولا حاقن ولا مهموم بما يشغله عن الفهم فيُسلِّم على من يمر به ولو صبيًا، ثم يسلم على من بمجلسه لحديث: "إن من حق المسلم على المسلم أن يسلم عليه إِذا لقيه" (٢)، ويجلس على بساطٍ ونحوه يختص به ليتميز عن جلسائه؛ لأنه أهيب له لأنه مقام عظيم يجب فيه إظهار الحرمة تعظيمًا للشرع، ويدعو اللَّه بالتوفيق للحق والعصمة من زلل القول والعمل؛ لأنه مقام خطر، وكان من دعاء عمر -رضي اللَّه عنه- "اللهم أرني الحق حقًا ووفقني لاتباعه وأرني الباطل باطلًا ووفقني لاجتنابه" (٣) وليكن مجلسه فسيحًا كجامع فيجوز القضاء فيه بلا كراهة، روي عن عمر وعثمان وعلي "أنهم كانوا يقضون في المسجد" (٤) قال مالك: "القضاء في


(١) في الأصل: يبين.
(٢) من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: أخرجه البخاري، باب حق المسلم على المسلم أن يسلِّم عليه إذا لقيه برقم (١٠٢١) الأدب المفرد ص ٢١٣، ومسلم، باب من حق المسلم للمسلم ردُّ السَّلام، كتاب السَّلام برقم (٢١٦٢) صحيح مسلم ٥/ ١٧٠٤.
(٣) لم أقف عليه سندًا، وقال العراقي في المغني عن حمل الأسفار ١/ ٦٤٢: "لم أقف لأوله على أصل".
(٤) ما روي عن عمر وعلي -رضي اللَّه عنهما-: أخرجه البخاري في صحيحه تعليقًا ٩/ ٥٧، وأورده الماوردي في أدب القاضي ١/ ٢٠٦ - ٢٠٧، ووكيع في أخبار القضاة ١/ ١١٠.