للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قال مدع سأله الحاكم: ألك بينة؟ فقال: نعم قال له: إن شئت أحضرها، فإذا أحضرها لم يسألها الحاكم عمَّا عندها حتى يسأله المدعي ذلك؛ لأن الحق له فلا يتصرف فيه بلا إذنه، ولم يلقنها الحاكم الشهادة بل إذا مسألة المدعي سؤاله البينة قال: من كان عنده شهادة فليذكرها إن شاء، ولا يقول لهما: اشْهَدَا؛ لأنه أمر، وكان شريح يقول للشاهدين: "ما أنا دعوتكما ولا أنهاكما أن ترجعا، ولا يقضي على هذا المسلم غيركما، وإني بكما اليوم أقضي، وبكما أتقي يوم القيامة" (١) فإذا شهدت عنده البينة سمعها، وحرم عليه ترديدها، ويكره له طلب زلتها وانتهارها لئلا يكون وسيلة إلى الكتمان، ولا يكره قوله لمدعى عليه: ألك فيها دافع أو مطعن؟ بل يستحب قوله: قد شهدا عليك، فإن كان لك قادحٌ فبينه لي، وقيّده في "الْمُذْهَبِ" (٢) و"الْمُسْتَوْعِبِ" (٣): بما إذا ارتاب منها، فإن لم يأت بقادحٍ واتضح للحاكم الحكم وكان الحق لمعين وسأله الحكم لزمه فورًا، ويحرم الحكم ولا يصح مع علم الحاكم بضده أو مع ليس قبل البيان، ويأمر بالصلح لقوله تعالى: {لِتَحْكُمَ بَيْنَ


(١) ينظر: أخبار القضاة ٢/ ٢٥٤ - ٢٥٥، ٢٩١، ٢٩٦ والمغني ١٤/ ٢٥٢، ٧٠.
(٢) "المُذْهَبُ في الْمَذْهَب" العبد الرحمن بن علي بن محمد أبي الفرج المعروف بابن الجوزي المتوفي سنة ٥٩٧ هـ، وهو مجلد.
ينظر: سير أعلام النبلاء ٢١/ ٣٦٨، والذيل على طبقات الحنابلة ١/ ٤١٨.
(٣) ٣/ ٣١٩ - ٣٢٠.