للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويعمل بعلمه في عدالة بينة وجرحها بغير خلاف لئلا يتسلسل الاحتياج إلى معرفة المزكين أو جرحهم، فلو لم يعمل بعلمه في ذلك لاحتاج كل من المزكين إلى مزكين ثم يحتاجون أيضًا إلى مزكين وهكذا.

ومن جاء من المدعين ببينةٍ فاسقةٍ استشهدها الحاكم لئلا يفضحها وقال لمدعٍ: زدني شهودًا ولم يقبلها لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (١).

(وَإِنْ أَنْكَرَ) مدعًى عليه (و) الحال أن (لا بَيِّنَةَ) بأن قال المدعي: ما لي بينة (فقولُهُ) أي المنكر (بيمينِهِ)، فيعلم المدعيَ حاكمٌ بذلك، لحديث وائل بن حجر: "أن رجلًا من حضرموت، ورجلًا من كندة، أتيا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال الحضرمي: إن هذا غلبني على أرضي ورثتها من أبي، وقال الكندي: أرضي في يدي لا حق له فيها، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: شاهداك أو يمينه، فقال: إنه لا يتورع من شيءٍ، قال: ليس لك إلا ذلك" رواه مسلم (٢)،


= "الطرق الحكمية في السياسة الشرعيَّة" للإمام المحقق أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر الدمشقي ابن القيم الجوزية المتوفى سنة ٧٥١ هـ، وهو كتابٌ مشهورٌ ومطبوعٌ في مجلد بتحقيق الشيخ محمد حامد الفقي، دار الكتب العلميَّة.
(١) سورة الحجرات من الآية (٦).
(٢) سبق تخريجه ص ٩٦٠.