للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأولى، وقولهم: ظاهر المسلم العدالة ممنوع بل الظاهر عكسه؛ لأن العادة إظهار الطاعة وإسرار المعصية، وقول عمر معارض بما روي عنه أنه أتي بشاهدين فقال لهما: "لست أعرفكما ولا يضركما أني لم أعرفكما" (١) والأعرابي الذي قبل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- شهادته صحابي والصحابة عدول.

(و) شرط (في مزك معرفة) خبرة مزك باطنة بصحبة أو معاملة من (جرح وتعديل، و) شرط (معرفة حاكم خبرته) أي المزكي (الباطنة) كالمعرفة المتقدمة، ويكفي في تزكية الشاهد عدلان يقول كل منهما: أشهد أنه عدل ولو لم يقل: أرضاه لي وعلي؛ لأنه إذا كان عدلا لزم قبوله على مزكيه وغيره، ولا يكفي قوله: لا أعلم إلا خيرا، (وتقدم بينة جرح) على بينة تعديل؛ لأن الجارح يخبر بأمر باطن خفي على العدل، وشاهد العدالة يخبر بأمر ظاهر، ولأن الجارح مثبت للجرح، والمعدل ناف له والمثبت مقدم على النافي، وإذا عصى في بلده فانتقل منه فجرحه اثنان في بلده وعدله اثنان في البلد الذي انتقل إليه قدمت التزكية، ويكفي فيها الظن بخلاف الجرح، قاله في "المبدع" (٢)، وتعديل خصم وحده لشاهد عليه تعديل له؛ لأن البحث عن عدالته لحقه، ولأن إقراره بعدالته إقرار بما يوجب الحكم عليه لخصمه فيؤخذ بإقراره وكذا تصديقه للشاهد تعديل له، ولا تصح التزكية في واقعة واحدة يقول مزك: أشهد أنه عدل في شهادته في هذه القضية


(١) بنحوه أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ١٠/ ١٢٥، وصححه الألباني في الإرواء ٨/ ٢٦٠.
(٢) ١٠/ ٨٦.