للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصحراء ليس بين يديه سترة، وحمار لنا وكلبة يعبثان بين يديه، فما بالى بذلك. رواه أبو داود (١)، قلت: وهذا يخالف عبارة "شرح المنتهى" للعلامة منصور (٢)، لكنه مخصوص بحديث أبي ذر فتدبرها، يبن لك أن كلام "الشارح" (٣) غير مستقيم، وما في "شرح المنتهى" هو الصواب؛ لتخصيص حديث أبي ذر الصحيح، المتقدم آنفًا (٤): أنه يقطع صلاته المرأة


(١) في سننه، كتاب الصلاة، باب من قال: الكلب لا يقطع الصلاة (١/ ٤٥٩)، والنسائي، كتاب القبلة، باب ذكر ما يقطع الصلاة وما لا يقطع إذا لم يكن بين يدي المصلي سترة (٢/ ٦٥)، قال الحافظ عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" (٢/ ١٢٨): إسناده ضعيف. اهـ وأقره ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" (٣/ ٣٥٤).
(٢) كذا قال المؤلف. والكلام يوافق عبارة "شرح المنتهى" للعلامة منصور لا يخالفه! ! والمؤلف ينقل عنه بالحرف. ينظر: "شرح منتهى الإرادات" (١/ ٢٠٥).
(٣) الشارح هو: عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة، صاحب "الشرح الكبير". وقد رجَّح أن مرور المرأة واحمار بين يدي المصلي تبطل الصلاة. ينظر: "الشرح الكبير" (٣/ ٦٥٠، ٦٥١)، و"الإنصاف" (٣/ ٦٥٢). وقوله هذا هو الرواية الثانية عن الإمام أحمد. اختارها -أيضًا- المجد. وابن تيمية.
قال ابن القيم في "زاد المعاد" (١/ ٧٨، ٧٩): فإن لم يكن سترة فإنه صح عنه أنه يقطع صلاته: المرأة والحمار والكلب الأسود. وثبت ذلك عنه من رواية أبي ذر وأبي هريرة وابن عباس وعبد اللَّه بن مغفل. ومعارض هذه الأحاديث قسمان: صحيح غير صريح، وصريح غير صحيح، فلا يترك لمعارضٍ هذا شانه. وكان عمر يصلي وعائشة -رضي اللَّه عنها- نائمة في قبلته، وكان ذلك ليس كالمار، فإن الرجل محرم عليه المرور بين يدي المصلي ولا يكره له أن يكون لابثًا بين يديه، وهكذا المرأة يقطع مرورها الصلاة دون لبثها. واللَّه أعلم. اهـ
وبهذا يتبين رجحان رواية بطلان الصلاة بمرور مَنْ ذكر، لأن أدلة القول الأول ضعيفة، إما من جهة الإسناد كحديث الفضل السابق. وإما من جهة الإستدلال، كالاستدلال بحديث اعتراض عائشة -رضي اللَّه عنها- في قبلة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
(٤) (ص ٢٢٤).