وما نقله المؤلف عن تاريخ ابن جرير، نقله قبله: في "معونة أولي النهى" (٢/ ٥٥١). وقد حرر الخلاف في ذلك الدكتور يوسف القرضاوي في كتابه "فقه الزكاة" (١/ ٦٠، ٦١) في مبحث مطول، قال فيه: إن الزكاة التي ذكرت في القرآن المكي، لم تكن هي بعينها الزكاة التي شرعت بالمدينة، وحددت نصبها ومقاديرها، وأرسل السعاة لجبايتها وصرفها، وأصبحت الدولة مسؤولة عن تنظيمها. الزكاة في مكة كانت زكاة مطلقة من القيود والحدود، كانت موكولة إلى إيمان الأفراد. ثم نقل الدكتور كلام الحافظ ابن كثير -في "تفسيره" (٥/ ٤٦٢) - على قوله تعالى في سورة المؤمنون: {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ}: الأكثر على أن المراد بالزكاة هاهنا زكاة الأموال، مع أن هذه الآية مكية، وإنما فرضت الزكاة بالمدينة في سنة اثنتين من الهجرة. والظاهر: أن التي فرضت بالمدينة إنما هي ذات النصب والمقادير الخاصة، وإلا فالظاهر أن أصل الزكاة كان واجبًا بمكة، كما قال تعالى في سورة الأنعام -وهي مكية- {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}. وقد يحتمل أن يكون المراد بالزكاة هاهنا: زكاة النفس من الشرك والدنس. . وقد يحتمل أن يكون كلا الأمرين مرادًا. . واللَّه أعلم. اهـ (١) "الفروع" (٢/ ٣١٦) و"معونة أولي النهى" (٢/ ٥٥١). (٢) السائمة من الماشية: التي رَعَتْ بنفسها. "المصباح المنير" (١/ ٤٠٤) و"طلبة الطلبة" (ص ٩١).