للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسن استقبال محلوق رأسه القبلة، كسائر المناسك، وبدأة بشقه الأيمن، لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يحب التيامن في شأنه كله (١)، وأن يبلغ بالحلق العظم الذي عند مقطع الصُّدغ من الوجه، لأن ابن عمر كان يقول للحالق: ابلغ العظمين، افصل الرأس من اللحية (٢)، وكان عطاء يقول: من السنة إذا حلق أن يبلغ العظمين (٣). قال جماعة: ويدعو (٤). قال الموفق وغيره: ويكبر وقت الحلق، لأنه نسك (٥)، وإن قصَّر، قصَّر (من جميع شعره) لا من كل شعرة بعينها، لأنه مشقة، ولا يكاد يعلم إلا بحلقه. ولا يجزئ حلق بعض الرأس، أو تقصيره، لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حلق جميع رأسه، فكان تفسيرًا لمطلق الحلق، أو التقصير، فوجب الرجوع إليه، ومن لبَّد رأسه، أو ظفره، أو عقصه (٦)، فكغيره.

(والمرأةُ) تقصر من شعرها كذلك (قدر أنملة) فأقل، لحديث ابن عباس مرفوعًا: "ليس على النساء حلق، إنما على النساء التقصير" (٧). رواه أبو داود، ولأن الحلق مُثْلة في حقهن. فتقصر من كل شعرها قدر أنملة. ونقل أبو داود: تجمع شعرها إلى مقدم رأسها، ثم تأخذ من أطرافه قدر أنملة (٨).


(١) البخاري، في الوضوء، باب التيمن في الوضوء والغسل (١/ ٥٠) وفي مواضع أخرى، ومسلم، في الطهارة (١/ ٢٢٦) من حديث عائشة.
(٢) ابن أبي شيبة، الحج، في الحلق أين هو؟ (ص ٣٥٤) دون قوله: افصل الرأس من اللحية.
(٣) المصدر السابق.
(٤) "الفروع" (٣/ ٥١٣).
(٥) "الفروع" (٣/ ٥١٣) و"الإنصاف" مع الشرح الكبير (٩/ ٢٠٤، ٢٠٥).
(٦) عقص شعره يعقصه: ضفره، وفتله. "القاموس" (ص ٨٠٤).
(٧) أبو داود، المناسك، باب الحلق والتقصير (٢/ ٥٥٢)، قال ابن حجر في "تلخيص الحبير" (٢/ ٢٦١): وإسناده حسن، وقواه أبو حاتم في العلل، والبخاري في التاريخ، وأعله ابن القطان، ورد عليه ابن المواق فأصاب. اهـ
(٨) "الشرح الكبير" (٩/ ٢١٠).