للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن أيام منى، لقوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} (١)، فبين أول وقته دون آخره، فمتى أتى به أجزأه، كالطواف، لكن لابد من نيته نسكًا.

وكذا إن قدَّم الحلق على الرمي، أو قدَّم الحلق على النحر، أو نحر قبل رميه، أو طاف للإفاضة قبل رميه جمرة العقبة، فلا شيء عليه، لحديث عطاء: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال له رجل: أفضت قبل أن أرمي. قال: "ارم ولا حرج" (٢). وعنه مرفوعًا: "من قدم شيئًا قبل شيء فلا حرج". رواه سعيد (٣). ولحديث ابن عمرو، قال رجل: يا رسول اللَّه، حلقت قبل أن أذبح. قال: "اذبح ولا حرج"، فقال آخر: ذبحت قبل أن أرمي. قال: "ارم ولا حرج" (٤). متفق عليه، وفي لفظ، قال: فجاء رجل فقال: يا رسول اللَّه، لم أشعر، فحلقت قبل أن أذبح. وذكر الحديث، قال: فما سمعته يسأل يومئذ عن أمر مما ينسى المرء، أو يجهل، من تقديم بعض الأمور على بعضها، وأشباهها، إلا قال: "افعلوا ولا حرج" (٥) رواه مسلم.

ويحصل التحلل الأول باثنين من ثلاثة: رمي، وحلق، وطواف إفاضة. فلو حلق وطاف، ثم وطئ ولم يرم، فعليه دم لوطئه، ودم لتركه الرمي، وحجه صحيح.

ويحصل التحلل الثاني بما بقي من الثلاثة، مع السعي من متمتع مطلقًا، ومفرد وقارن لم يسعيا مع طواف قدوم، لأنه ركن.


(١) سورة البقرة، الآية: ١٩٦.
(٢) ذكره ابن قدامة في "المغني" (٥/ ٣٢٣) وعزاه إلى سعيد في "سننه".
(٣) ذكره ابن قدامة -أيضًا- في "المغني" (٥/ ٣٢٣) وعزاه إلى سعيد.
(٤) البخاري، في العلم، باب الفتيا وهو: اقف على الدابة وغيرها. وباب السؤال والفتيا عند رمي الجمار (١/ ٢٩، ٤٠) وفي الحج، باب الفتيا على الدابة (٢/ ١٩٠) ومسلم، في الحج (٢/ ٩٤٨، ٩٥٠).
(٥) مسلم، الحج (٢/ ٩٤٨).