للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ربي (١)، فأسألك يا ربي أن توجب لي المغفرة، كما أوجبتها لمن أتاه في حياته، اللهم اجعله أول الشافعين، وأنجح السائلين، وأكرم الأولين والآخرين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

ثم يدعو لوالديه، ولإخوانه، وللمسلمين أجمعين، ولا يرفع صوته عنده، لقوله تعالى: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} (٢) وحرمته ميتًا، كحرمته حيًّا.

ثم يستقبل القبلة، ويجعل الحجرة عن يساره، لئلا يستدبر قبره -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويدعو بما أحب، ثم يتقدم قليلًا من مقام سلامه على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نحو ذراع على يمينه، فيسلم على أبي بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- فيقول: السلام عليك يا أبا بكر الصديق. ثم يتقدم نحو ذراع على يمينه -أيضًا- فيسلم على عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- فيقول: السلام عليك يا عمر الفاروق. ويقول: السلام عليكما يا صاحبي رسول اللَّه، وضجيعيه، ووزيريه، اللهم اجزهما عن نبيهما، وعن الإسلام خيرًا، سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار، اللهم لا تجعله آخر العهد بقبر نبيك -صلى اللَّه عليه وسلم- (٣)، ولا بمسجده الشريف يا أرحم الراحمين.

ولا يمس قبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-, ولا حائطه، ولا يتمسح به، ولا يلصق به صدره، ولا يقبله، لما في ذلك من إساءة الأدب، والابتداع. قال الأثرم: رأيتَ أهل العلم من أهل المدينة لا يمسون قبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، يقومون من ناحية


(١) هذا مما لا يجوز إلا حال حياته -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد قرر ذلك العلامة ابن عبد الهادي في "الصارم المنكي" (ص ٤٢٥).
(٢) سورة الحجرات، الآية: ٢.
(٣) زيارة القبر لا يجوز أن تكون مقصودة بإنشاء سفر إليها، بل القصد للمسجد، وتأتي زيارة القبر تبعًا.
ينظر: "الإخنائية" (ص ٢٨٥)، و"الرد على البكري" "المعروف بالاستغاثة" كلاهما لابن تيمية -رحمه اللَّه-.