للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وحديث ابن عباس: نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن تتلقى الركبان، وأن يبيع حاضر لباد. قيل لابن عباس: ما قوله حاضر لباد؟ قال: لا يكون له سمسارًا (١). متفق عليه.

ويبطل بيعه له رضي بذلك أهل البلد أو لا؛ لعموم الخبر، ولأن النهي يقتضي الفساد، فإن كان القادم بالسلعة من أهل البلد، أو ليس منهم وليس ثمَّ إليها حاجة، أو قدم بها ليبيعها بسعر يومها، أو لم يجهل سعرها أو بعثها إلى الحاضر، جاز للحاضر مباشرتها، وصح البيع؛ لزوال المعنى الذي لأجله امتنع بيعه له، وإن استخبر قادم حاضرًا عن سعر جهله أخبره به وجوبًا، لوجوب النصح، ولا يكره أن يشير حاضر على باد بلا مباشرة بيع له.

ومن استولى على ملك غيره بلا حق أو جحده أو منعه حتى يبيعه إياه ففعل، لم يصح البيع لأنه ملجأ إليه، ومن أشهد أنه يبيع ماله أو يهبه خوفًا وتقية عمل به.

ومن قال لآخر: اشترني من زيد فإني عبده، ففعل فبان حرًّا، فإن أخذ شيئًا من الثمن غرمه، وإلا لم تلزمه العهدة حفر البائع أو غاب؛ لأن الحاصل منه الإقرار دون الضمان، وأدِّب هو وبائع نصًّا (٢) لتغريرهما المشتري.

وتُحدُّ حرة قالت لرجل: اشترني من زيد فأنا أمته. ففعل ووطئت، لزناها مع العلم، ولا مهر لها لزناها مطاوعة، ويلحق الولد بمشتر لأنه وطئها يعتقدها أمته، فوطؤه وطء شبهة.


(١) البخاري في البيوع باب هل يبيع حاضر لباد بغير أجر، وفي الإجارة باب السمسرة (٣/ ٢٧، ٥٢)، ومسلم، البيوع (٣/ ١١٥٧).
(٢) "شرح منتهى الإرادات" (٢/ ١٥٧).