فمن أصحابنا من قال: هي صحيحة قولًا واحدًا. وقوله: ضعيفة. يعني في القياس. ومن أصحابنا من قال: فيها قولان. أظهرهما: أنه نصه، وهو فول عامة الفقهاء. اهـ والمنع مذهب داود، وتبعه ابن حزم في "المحلى" حيث قال: ولا يجوز ضمان الوجه أصلًا، لا نب مال ولا في حد، ولا في شيء من الأشياء. اهـ واحتجوا بقوله تعالى: {مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ}. ولأنها كفالة بنفس؛ فأشبهت الكفالة في الحدود. واحتج الجمهور بعموم قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الزعيم غارم" فلم يفرِّق. وبقوله تعالى: {قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (٦٦)} [يوسف: ٦٦]. قال القرطبي في "التفسير": هذه الآية أصل في جواز الحمالة بالعين والوثيقة بالنفس. اهـ ولأنها وثيقة بالحق كالرهن. ولأنه سبب يتوصل به إلى ما له على طريق الوثيقة كالوثيقة بالمال. ولأن مات عليه المال عليه أن يحضر أو يوكل من يحضر، وإذا ثبت أن ذلك عليه صح أن يضمن عنه، ولا يلزم عليه الحدود ولا يقال إن عليه أن يحضر ويقتل أو يحد. وقد جاءت الآثار عن السلف بصحتها. بل قال الجوهري في "نوادر الفقهاء" (ص ٢٨٢): وأجمع الصحابة ومن بعدهم على إجازة الكفالة بالنفس -وإن لم يكن معه مال- إنما الاختلاف بعدهم. اهـ والراجح قول الجمهور، لوضوح أدلته وقوتها. قال القرطبي في قوله تعالى: {قَالَ مَعَاذَ اللَّه. .} الحمالة في الحدود ونحوها -بمعنى إحضار المضمون فقط- جائزة مع التراضي، غير لازم إذا أبي الفالب، وإنما الحمالة في مثل هذا على أن يلزم الحميل ما كان يلزم المضمون من عقوبة، ولا يجوز إجماعًا. اهـ فهذا واضح لنقض استدلالهم بالآية والتعليل. ينظر: "بداية المبتدي" (ص ١٤٥) و"متن القدوري" (ص ٧٠) و"الاختيار" (٢/ ١١٦) و"نوادر الفقهاء" (ص ٢٨٢ - ٢٨٣) و"الإشراف" للقاضي عبد الوهاب (٢/ ٦٠٢) و"المعونة" له (٢/ ١٢٣) و"الكافي" لابن عبد البر (٢/ ١٢٩): "بداية المجتهد" (٢/ ٣٧٩) و"الجامع =