للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويعتبر لصحة الحوالة رضى محيل؛ لأن الحق عليه، فلا يلزمه أداؤه من جهة الدين الذي على المحال عليه (ويعتبر) أيضًا (رضى محتال (١) على غير مليء) وأما على المليء (٢) فلا يعتبر رضاه، ويجبر على اتباعه، نصًّا (٣)، لظاهر الخبر (٤)، ولأن للمحيل وفاء ما عليه من الحق بنفسه وبمن يقوم مقامه، وقد أقام المحال عليه مقام نفسه في التقبيض، فلزم المحتال القبول، ولو كان المليئ المحال عليه ميتًا.

ويبرأ محيل بمجردها، ولو أفلس محال عليه بعدها، أو جحد الدين وعلمه المحتال، أو صدق المحيل، أو ثبت ببينة فماتت، أو مات محال عليه وخلف تركة، أو لا، إذ الحوالة بمنزلة الإيفاء، والمليء الذي يجبر محتال على إتباعه، هو القادر بماله وقوله وبدنه، بأن يجد مالًا يوفي به، وأن لا يكون مماطلًا، وأن يمكن حضوره مجلس الحكم.

وإن ظنه مليئًا، أو جهله، ولم يشترط الملاءة، فبان مفلسًا، لم يرجع؛ لتفريطه بترك اشتراطها، فإن اشترطها فبان المحال عليه معسرًا رجع على محيل بدينه؛ لأن الفلس عيب، ولم يرض به، أشبه المبيع إذا بان معيبًا.

ومتى صحت الحوالة فرضي المحتال، والمحال عليه بخير منه، أو دونه في الصفة أو القدر، أو بتعجيله أو بتأجيله، أو عوضه، جاز ذلك، لأن الحق لهما، لكن إن جرى بين العوضين ربا نسيئة اشترط القبض بمجلس التعويض.

وإذا بطل بيع وقد أحيل بائع بالثمن، أو أحال مدينًا له على المشتري بالثمن، بطلت الحوالة، ولا تبطل إن فسخ البيع بعد أن أحيل بائع، أو


(١) في " أخصر المختصرات" (ص ١٧٧): (محيل ومحتال).
(٢) المليء مهموزٌ هو القادر على الوفاء من غير مماطلة. ينظر: "المغني" (٧/ ٦٢)، و"الدر النقي" (٣/ ٥٠٩).
(٣) "شرح منتهى الإرادات" (٢/ ٢٥٧). وينظر: "الإنصاف" (١٣/ ١٠٢، ١٠٣).
(٤) المتقدم في الصفحة السابقة.