له بـ (عين) بيده (فيضع) المقر له عن المقر بعض الدين (أو يهبَ له البعض) من العين المقر بها (ويأخذ) المقر له (الباقي) من الدين أو العين، (فيصح) ذلك (ممن يصح تبرعه) لأن جائز التصرف لا يمنع من إسقاط بعض حقه أو هبته، كما لا يمنع من استيفائه. وقد كلم -صلى اللَّه عليه وسلم- غرماء جابر ليعفوا عنه (١)(بغير لفظ صُلْح) فلا يصح بلفظ صلح، لأنه هضم للحق (بلا شرط) أو بشرط أن يعطيه الباقي، وإن لم يذكر لفظ الشرط، كعلى أن تعطيني كذا منه، أو تعوضني منه كذا، لأنه يقتضي المعاوضة، فكأنه عاوض عن بعض حقه ببعض، أو يمنعه حقه بدون إعطائه منه، فلا يصح، لأنه أكل مال الغير بالباطل.
ولا يصح عن دين مؤجل، ببعضه حالًّا، إلا في مال كتابة.
ولا يصح صلح عن حق، كدية خطأ، أو قيمة متلف غير مثلي، بأكثر من حقه المصالح عنه من جنسه، لأن الدية والقيمة ثبتت في الذمة بقدره، فالزائد لا مقابل له، فيكون حرامًا، لأنه من أكل المال بالباطل.
ويصح الصلح عن متلف مثلي، كبُرٍّ، بأكثر من قيمته من أحد النقدين، ويصح عن حق كدية خطأ، وقيمة متلف، بعرض قيمته أكثر من الدية، أو قيمة المتلف المثلي، لأنه لا ربا بين العوض والمعوَّض عنه.
ومن قال لغريمه: أقر لي بديني وأعطيك، أو وخذ منه مائة. ففعل لزمه ما أقر به، ولم يصح الصلح.
النوع (الثاني) من قسمي الصلح على إقرار، أن يصالح (على غير جنسه) بأن أقر له بدين، أو عين، ثم صالحه عنه بغير جنسه، فهو معاوضة.
(١) أخرجه البخاري، في البيوع، باب الكيل على البائع والمعطي، وفي الاستقراض باب إذا قضى دون حقه أو حلله. . . وباب إذا قاصَّ أو جازفه في الدين، وباب الشفاعة في وضع الدين، وفي الهبة باب إذا وهب دينًا على رجل، وفي الصلح باب الصلح بين الغرماء. . . (٣/ ٢١، ٨٤، ٨٦، ١٣٧، ١٧١) وفي مواضع أخرى.