ويصح بلفظ الصلح كسائر المعاوضات، بخلاف ما قبله؛ لأن المعاوضة عن الشيء ببعضه حرام (فإن كان) الصلح (بأثمان عن أثمان) بأن أقر له بدينار فصالحه عنه بعشرة دراهم (فـ) ـهو (صرف) يعتبر فيه التقابض قبل التفرق (و) إن كان (بعرض عن نقد) كأن أقر له بدينار وصالحه عنه بثوب ونحوه (وعكسه) بأن أقر له بثوب مثلًا فصالحه عنه بدينار (فـ) الصلح في ذلك (بيع) يشترط له شروطه، كالعلم به، والقدرة على التسليم، والتقابض بالمجلس إن جرى بينهما ربا.
والصلح عن نقد أو عرض مقرّ به بمنفعة، كسكنى دار، وخدمة قن معينين، إجارة، فيعتبر له شروطها، وتبطل بتلف الدار، وموت القَنِّ، كباقي الإجارات.
ولو صالح الورثة من وُصيَّ له بخدمة رقيق، أو سكنى دار معينة، أو بحمل أمة معينة بدراهم مسماة؛ جاز لأنه إسقاط حق فيصح في المجهول للحاجة.
ومن صالح عن عيب في مبيعه بشيء صح، وليس من الأرش في شيء، ويرجع به إن بان عدم العيب، أو زال سريعًا بلا كلفة، ولا تعطيل نفع على مشتر.
ويصح الصلح عما تعذر علمه من دَين، كمن بينهما معاملة وحساب مضى عليه زمن طويل، أو تعذر علمه من عين، كقفيز حنطة وقفيز شعير اختلطا وطحنا، بمال معلوم نقد ونسيئة، لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- لرجلين اختصما في مواريث دَرَسَتْ بينهما:"استهما، وتوخيا الحق، وليحلل أحدكما صاحبه"(١). رواه أحمد وأبو داود، ولأنه إسقاط حق فصح في المجهول
(١) أحمد (٦/ ٣٢٠) وأبو داود، الأقضة، باب في قضاء القاضي إذا أخطأ (٤/ ١٤) عن أم سلمة، وقال الحاكم في "المستدرك" (٤/ ٥٩): صحيح على شرط مسلم. وأقره الذهبي. ينظر: "إرواء الغليل" (٥/ ٢٥٢) وفيه: أنه حسن. اهـ.