للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعضها، أو بيع، أو وُقِفَ، ونحوه، أو مات مفلس؛ فلا رجوع، لحديث أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أيما رجل باع متاعه، فأفلس الذي ابتاعه، ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئًا، فوجد متاعه بعينه، فهو أحق به، وإن مات المشتري، فصاحب المتاع أسوة الغرماء" (١). رواه مالك، وأبو داود مرسلًا، ورواه أبو داود مسندًا، وقال: حديث مالك أصح. ولأن الملك انتقل عن المفلس إلى الورثة، أشبه ما لو باعه، وكذا إن زادت السلعة زيادة متصلة، كسمنٍ، وتعلم صنعة، وتجدد حملٍ في بهيمة، فإن زادت كذلك فلا رجوع، لأن الزيادة للمفلس، لحدوثها في ملكه، فلم يستحق رب العين أخذها منه، كالحاصلة بفعله (ويبيع حاكم ماله) أي المفلس وجوبًا، بثمن مثله المستقر في وقته، أو أكثر إن حصل راغب (ويقسمه) أي الثمن (على غرمائه) فورًا لأن هذا جُل المقصود من الحجر عليه، وتأخيره مطل، وظلم للغرماء.

وسن إحضار المفلس عند بيع ماله، ليضبط الثمن، ولأنه أعرف بالجيد من متاعه، فيتكلم عليه، ولأنه أطيب لنفسه، ووكيله كهو، ويحضر معه غرماؤه، لأنه أطيب لقلوبهم، وأبعد للتهمة، وربما وجد أحدهم عين ماله، أو رغب في شيء فزاد في ثمنه.

وسن بيع كل شيء في سوق، وأن يبدأ بأقله بقاء كبطيخ، وأكثره كلفة كحيوان، ويجب أن يترك لمفلس ما يحتاجه من مسكن وخادم صالح لمثله، ما


(١) مالك، في البيوع، باب ما جاء في إفلاس الغريم (٢/ ٦٧٨) وأبو داود، البيوع، باب في الرجل يفلس. . .
ورواه أبو داود -أيضًا- عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي هريرة: (٣/ ٧٩٣) وقال عقبه: حديث مالك أصح. اهـ قال الخطابي في "المعالم" (٣/): هذا الحديث مسندًا من هذا الطريق يضعفه أهل النقل في رجلين من رواته، ورواه مالك مرسلًا، فدل أنه لا يثبت مسندًا. . . اهـ ينظر: "التلخيص الحبير" (٣/ ٤٥).