للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(و) يصح (قبولُها) أي الوكالة (بكل قول أو فعل يدل (١) عليه)، لأن وكلاءه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم ينقل عنهم سوى امتثال أوامره، ولأنه أذن في التصرف، فجاز قبوله بالفعل، كأكل الطعام، ولو كان القبول متراخيًا عن الإذن، فلو بلغه أن زيدًا وكله في بيع عبده منذ سنة، فقبل، أو باعه من غير قولٍ؛ صح لأن الإذن قائم، ما لم يرجع عنه.

(وشُرط كونهما) أي: الموكل والوكيل (جائزي التصرف) لأن غير جائز التصرف ممنوع من التصرف لنفسه، فلا يصح منه أن يتوكل لغيره، ولا أن يوكله (ومن) يصح (له تصرف في شيء فله توكل) فيه (وتوكيل فيه) لأن النائب فرع عن المستنيب سوى أعمى، ونحوه، كمن يريد شراء عقار لم يره، إذا وكل عالمًا بالمبيع فيما يحتاج لرؤية، كجوهر، وعقار، فيصح، وإن لم يصح منه ذلك بنفسه، لأن منعهما التصرف في ذلك لعجزهما عن العلم بالمبيع، لا لمعنى فيهما يقتضي منع التوكيل.

فلا يصح أن يوجب نكاحًا عن غيره، مَنْ لا يصح منه إيجابه لموليته، لنحو فسق، لأنه إذا لم يجز أن يتولاه أصالة، لم يجز بالنيابة، كالمرأة، ولا يصح أن يقبله لغيره، من لا يصح منه قبوله لنفسه، ككافر يتوكل في قبول نكاح مسلم لمسلمة، سوى قبول نكاح أخته ونحوها لأجنبي تحل له، وسوى قبول حر واجد الطَوْلَ (٢) نكاح أمة لمن تباح له، وسوى توكل غني في قبض زكاة لفقير، وسوى طلاق امرأة نفسها وغيرها بوكالة؛ فيصح، لأنها إذا ملكت طلاق نفسها بجعله لها، ملكت طلاق غيرها بالوكالة.

ولا تصح وكالة في بيع ما سيملكه، أو في طلاق من يتزوجها، لأن الموكل لا يملكه حين التوكيل، ويصح: إن ملكت فلانًا فقد وكلتك في عتقه، لأنه يصح تعليقه على ملكه، بخلاف: إن تزوجت فلانة فقد وكلتك في طلاقها.


(١) في "أخصر المختصرات" (ص ١٨١): دالٍّ.
(٢) الطول: القدرة، والغنى والسعة. "القاموس" (ص ١٣٢٨).