للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو قال من ادَّعى عليه وكيل غائب، عن دين ثابت: موكلك أخذَ حقه، لم يقبل قوله إلا ببينة، لأنه مقرٌّ، مدع الوفاء، ولا يؤخر الطلب حتى يحضر الموكل، ليحلف أنه لم يأخذه منه، لأنه وسيلة لتأخير حق متيقن لمشكوك فيه، أشبه ما لو ذكر المدَّعى عليه أن له بينة غائبة عن البلد بالوفاء، فلا يؤخر الحق لحضورها.

(وتصح) الوكالة (في كل حق آدمي) متعلق بمالٍ وما يجري مجراه، من عقدٍ كبيع، وهبة، وإجارة، ونكاح، وفسْخٍ لنحو بيع، وطلاق، ورجعة، وتملك مباح، وصلح، وإقرار، وعتق، وإبرار، ولو لأنفسهما إن عيِّنا (١).

و(لا) تصح وكالة في (ظهار) لأنه قول منكر وزور محرم أشبه بقية المعاصي (و) لا (لعان وأيمان) ونذر، وإيلاء، وقسامة، لتعلقها بعين الحالف والناذر، فلا تدخلها النيابة، كالعبادات، ولا في قسم لزوجات، ولا في شهادة، ولا في التقاط، ولا في دفع جزية، ولا في معصية، ولا في رضاع.

وتصح في بيع ماله كله أو ما شاء منه، وتصح في المطالبة بحقوقه كلها أو ما شاء منها، وفي الإبراء منها أو ما شاء منها. ولا تصح في عقد فاسد، أو في كل قليل وكثير، لأنه يدخل فيه كل شيء من هبة ماله، وطلاق نسائه، وغير ذلك، فيعظم الغرر والضرر.

(و) تصح الوكالة (في كل حق للَّه تعالى تدخله النيابة) من إثبات حد واستيفائه، لحديث: "واغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها". فاعترفت، فأمر بها، فرجمت (٢)، متفق عليه. ومِنْ عبادة تتعلق بالمال،


(١) قوله (ولو لأنفسهما إن عُيِّنا) أي نفس المعتق، والمبرأ. فيملكان ذلك بالوكالة الخاصة، لا بالوكالة العامة. فلو وكَّل عبده، أو غريمه، أم امرأته في عتق عبيده، إو إبراء غرمائه، أو طلاق نسائه، انصرف إلى غير المخاطب.
"حاشية عثمان بن قائد على المنتهى" (٢/ ٣٢٠) وينظر: "معونة أولي النهى" (٤/ ٦١٢، ٦١٣) و"شرح المنتهى" (٢/ ٣٠٢).
(٢) البخاري، في الوكالة، باب الوكالة في الحدود (٣/ ٦٥) وفي مواضع أخرى، ومسلم في =