للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كتفرقة صدقة ونذر وزكاة، لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يبعث عماله لقبض الصدقات وتفريقها (١)، وحديث معاذ (٢) يشهد به. ويصح قوله: أخرج زكاة مالي من كالك، لأنه اقتراض من مال وكيل، وتوكيل له في إخراجه.

وتصح وكالة في فعل حج وعمرة، فيستنيب من يفعلهما عنه مطلقًا في النفل، ومع العجز في الفرض، على ما سبق في الحج (٣)، وتدخل ركعتا طواف تبعًا. ولا تصح وكالة في عبادة بدنية محضة، كصلاة، وصوم، وطهارة من حدث، لتعلقها ببدن من هي عليه.

ولوكيل توكيل فيما يعجز عنه لكثرته، ولو في جميعه، لدلالة الحال على الإذن فيه، وفي ما لا يتولى مثله بنفسه، كالأعمال الدنية في حق أشراف الناس المترفعين عنها عادة، لأن الإذن إنما ينصرف لما جرت به العادة، ولا يصح أن يوكل وكيل فيما يتولى مثله بنفسه ويقدر عليه، لأنه لم يؤذن له في التوكيل، ولا تضمنه الإذن له، فلم يجز كما لو نهاه، إلا بإذن موكل فيجوز، لأنه عقد أذن له فيه، أشبه سائر العقود، قال في "الفروع" (٤): ولعل ظاهر ما سبق: يستنيب نائب في اهج لمرض، خلافًا لأبي حنيفة والشافعي، -رحمهما اللَّه تعالى (٥) -.


= الحدود (٣/ ١٣٢٥) عن أبي هريرة، وزيد بن خالد الجهني.
(١) من ذلك بعثه -صلى اللَّه عليه وسلم- لابن اللتبيَّة، أخرجه البخاري، الأحكام، باب هدايا العمال (٨/ ١١٤) ومسلم، الإمارة (٣/ ١٤٦٣).
(٢) هو ما أخرجه البخاري في أول الزكاة (٢/ ١٠٨)، ومسلما في الإيمان (١/ ٥٠)، عن ابن عباس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعث معاذًا رضي اللَّه عنه إلى اليمن. . . وفيه: "فأعلمهم أن اللَّه افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم، وترد على فقرائهم".
(٣) (ص ٥٢٢).
(٤) "الفروع" (٤/ ٣٤٧، ٣٤٨).
(٥) الوكيل إذا وكّل غيره دون إذن ففي المذهب روايتان معروفتان، إلا فيما اقتضته دلالة الحال، مثل أن يكون العمك لا يباشره مثله أو يعجز عنه لكثرته، فله الاستنابة بغير خلاف، =