للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تلف، فقال ربه: كان قرضًا. وقال العامل: كان قراضًا، أو بضاعة، فقول ربه -أيضًا- لأن الأصل في قبض مال الغير الضمان، فلو أقاما بينتين، قُدِّمَتْ بينة عامل، لأن معها زيادة علم، ولأنه خارج. وإن قال رب المال: كان بضاعة. وقال العامل: كان قراضًا، حلف كل منهما على إنكار ما ادعاه خصمه، وكان له أجر عمله، لا غير.

ويقبل قول مالك بعد ربح في قدر ما شرط لعامل، فإن أقاما بينتين، قدمت بينة عامل -أيضًا- ويصح دفع عبد، أو دابة، أو قِربة، أو قِدْر، أو آلة حرث، ونحو ذلك لمن يعمل به بجزء من أجرته. ويصح خياطة ثوب، ونسج غزل، وحصاد زرع، ورضاع قن، واستيفاء مال، وبناء دار، وطاحون، ونجر باب (١)، ونحو ذلك، بجزء مشاع منه، لأنها عين تنمى بالعمل عليها، فصح العقد عليها ببعض نمائها. ويصح دفع دابة، أو نحل، أو عبد، أو أمة، لمن يقوم به مدة معلومة بجزء منه، كربعه، أو خمسه، والنماء ملك لهما، على حسب ملكيهما، لا بجزء من نماء كدَرٍّ، ونسل، وصوف، وعسل، ونحو ذلك، لحصول نمائه بغير عمل، وله أجر مثله.

والضرب (الثالث: شركة الوجوه، وهي أن يشتركا) بلا مال (في ربح ما يشتريان في ذممهما بجاهيهما) أي بوجوههما، وثقة التجار بهما (٢) والجاه والوجه واحد، يقال: فلان وجيه ذو جاه. (٣)

وهي جائزة لاشتمالها على مصلحة بلا مضرة، ولا يشترط لصحتها ذكر جنس ما يشتريانه، ولا ذكر قدره، ولا ذكر وقت الشركة. فلو


(١) النَّجْرُ: نحتُ الخشب. ويقال للقطع -أيضًا- ينظر: "القاموس" (ص ٦١٧) و"تاج العروس" (١٤/ ١٨٣) و"المعجم الوسيط" (٢/ ٩٠٣).
(٢) "الكافي" (٣/ ٣٣٩) و"الروض المربع" -مع الحاشية- (٥/ ٢٦٥) و"التوضيح" (٢/ ٧٢١).
(٣) الجاه والوجاهة: القدر والمنزلة. "القاموس" (ص ١٦٠٧) ينظر: "تحرير ألفاظ التنبيه" (ص ٢٠٦).