للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال أحدهما للآخر: كلما اشتريت من شيء فبيننا، وقال له الآخر كذلك، صح العقد، ولا يعتبر ذكر شروط الوكالة، لأنها داخلة في ضمن الشركة، بدليل المضاربة، وشركة العنان.

(وكلٌّ) من شريكي الوجوه (وكيل الآخر) في بيع وشراء (وكفيله بالثمن) لأن مبناها على الوكالة والكفالة. وملكٌ فيما يشتريان كما شرطا، لحديث: "المؤمنون عند شروطهم" (١) وربحٌ كما شرطا، من تساو وتفاضل لأن أحدهما قد يكون أوثق عند التجار، وأبصر بالتجارة، ولأنها منعقدة على عمل وغيره، فكان ربحها على ما شرطا، كشركة العنان. والخسران بتلفٍ، أو بيعٍ بنقص عما اشتري به، على قَدْرِ الملك، فمن له الثلثان مثلًا فعليه ثلثا الوضيعة، وهكذا، سواء كان الربح بينهما كذلك، أو لا، وتصرفهما كتصرف شريكي عنان، على ما سبق (٢).

والضرب (الرابع: شركة الأبدان) سميت بذلك: لاشتراكهما في عمل أبدانهما (٣). (وهي) نوعان: أحدهما (أن يشتركا فيما يتملكان بأبدانما من مباح كاصطياد ونحوه) كاحتشاش، وتلصص على دار الحرب، واحتج أحمد بأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد أشرك بين عمَّار وسعد وابن مسعود. فجاء سعد بأسيرين، ولم يجيئا بشيء (٤). كان ذلك في غزوة بدر، وكانت غنائمها لمن


(١) تقدم تخريجه (ص ٦٧٨).
(٢) (ص ٧٩٠).
(٣) الأبدان: جمع بدنٍ وهو: الجسد.
ينظر: "الدر النقي" (٣/ ٣١١) و"القاموس الفقهي" (ص ٣٢).
(٤) أبو داود، في البيوع، باب في الشركة على غير رأس مال (٣/ ٦٨١)، والنسائى، في المزارعة، باب شركة الأبدان (٧/ ٥٧) وفي البيوع، باب الشركة بغير مال (٧/ ٣١٩)، وابن ماجه، في التجارات، باب الشركة والمضاربة (٢/ ٧٦٨) عن عبد اللَّه قال: اشتركت أنا وعمار وسعد يوم بدر، فجاء سعد بأسيرين، ولم أجيء وعمار بشيء.
قال في "الإرواء" (٥/ ٢٩٥): ضعيف. . . لانقطاعه بين أبي عبيدة وأبيه عبد اللَّه بن مسعود، =