للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أخذها، قبل أن يشرك اللَّه تعالى بينهم (١).

(أو) أن يشتركا فيما (يتقبَّلان في ذممهما من عمل، كخياطة) وحدادة وقصارة، وهذا هو النوع الثاني. ولو قال أحدهما: أنا أتقبل، وأنت تعمل، والأجرة بيننا؛ صح، لأن تقبل العمل يوجب الضمان على المتقبِّل، ويستحق به الربح، فصار كتقبله المال في المضاربة، والعمل يستحق به العامل الربح، كعمل المضارب، فينزَّل منزلة المضاربة (فما تقبله أحدُهما) من عمل (لزمهما عمله، وطولبا به) لأن مبناها على الضمان، فكأنها تضمنت ضمان كل واحد منهما عن الآخر ما يلزمه، ولكل من الشريكين طلب أجرة عمل، ولو تقبله صاحبه، ويبرأ مستأجر بدفعها لأحدهما، وتلفها بيد أحدهما بلا تفريط: عليهما، لأن كلًّا وكيل الآخر، ولا يشترط لصحتها اتفاق صنعة الشريكين، فلو اشترك حداد ونجار، أو خياط وقصار، فيما يتقبلان في ذممهما من عمل، صح، لاشتراكهما في كسب مباح، أشبه ما لو اتفقت الصنائع. ولا يشترط اصحة الشركة معرفة الصنعة لواحد منهما.

(وإن ترك أحدهما) أي الشريكين (العمل) لعذر (أو لا) لعذر، بأن كان حاضرًا صحيحًا (فالكسب بينهما) على ما شرطا (ويلزم من عُذِر) بنحو مرض في ترك عمل مع شريكه (أو لم يَعْرف العمل أن يقيم مقامه) في العمل


= فإنه لم يسمع منه. اهـ
(١) قال أبو عبيد في كتاب "الأموال" (ص ٢٨٠): فكانت الأنفال الأولى إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقسمها رسول اللَّه عمر يوم بدر على ما أراه اللَّه من غير أن يخمِّسها، على ما ذكرناه في حديث سعد. ثم نزلت بعد ذلك آية الخمس، فنسخت الأولى، وفي ذلك آثار. اهـ
وقد تعقبه ابن كثير -رحمه اللَّه- في ذلك، حيث قال في "التفسير" (٤/ ١٠): فيه نظر ويردُّ عليه حديث علي بن أبي طالب في شارفيه اللذين حصلا له من الخمس يوم بدر. وقد بينت ذلك في كتاب "السيرة" بيانًا شافيًا. اهـ
ينظر: "السيرة" (٢/ ٤٦٦).