للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمين، أو كان الجُعل من أحد المتسابقين، أو من اثنين منهم فأكثر، إذا كثروا، وثمَّ من لم يُخرج، على أن من سبق أخذه جاز، فإن جاءا معًا فلا شيء لهما من الجعل، لأنه لم يسبق أحدهما الآخر، وإن سبق مخرج أحرزه ولم يأخذ من صاحبه شيئًا لئلا يكون قمارًا، وإن سبق الذي لم يخرج أحرز سبق صاحبه، فيملكه، كسائر ماله، كالعوض في الجعالة إذا وفَّى بالعمل، وإن أخرجا معًا لم يجز، إلا بمحلل لا يخرج شيئًا، ولا يجوز كون المحلل أكثر من واحد يكافئ مركوبه مركوبيهما في المسابقة، أو يكافئ رميه رمييهما في المناضلة، لحديث أبي هريرة مرفوعًا: "من أدخل فرسًا بين فرسين وهو لا يأمن أن يسبق فليس قمارًا، ومن أدخل فرسًا بين فرسين وقد أمن أن يسبق فهو قمار" (١) رواه أبو داود.

وإن سبق المخرجان المحلل، ولم يسبق أحدهما الآخر، أحرزا سبقهما، ولا شيء للمحلل، لأنه لم يسبق أحدهما، ولم يأخذا منه شيئًا، لئلا يكون قمارًا، وإن سبق هو أحرز السبقين، أو سبق أحدهما صاحبه والمحلل أحرز السبقين لوجود شرطه، وإن سبق المحلل وأحد المخرجين معًا، أحرز السابق منهما مال نفسه لسبقه، ويكون سبق المسبوق بين السابق والمحلل نصفين، وإن وصلوا الغاية دفعة واحدة أحرز كل واحد منهما سبق نفسه، لأنه لا سابق، ولا شيء للمحلل، لأنه لم يسبق.

والمسابقة جعالة، لا يؤخذ بعوضها رهن ولا كفيل، ولكل فسخها، ما لم يظهر الفضل لصاحبه، ويبطل سباق بموت أحدهما كسائر العقود الجائزة، أو بموت أحد المركوبين، لتعلق العقد بعينه، ولا يبطل بموت أحد الراكبين، أو تلف أحد القوسين، لأنه غير المعقود عليه، كموت أحد المتبايعين.


(١) أبو داود، في الجهاد، باب في المحلل (٣/ ٦٦، ٦٧)، وابن ماجه، في الجهاد، باب السبق والرهان (٢/ ٩٦٠) قال الحاكم في "المستدرك" (٢/ ١١٤): حديث صحيح الإسناد.