للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(و) يقبل قول مودع (في تلفها) أي الوديعة، بسبب خفي، كسرقة، لتعذر إقامة البينة عليه، ولئلا يمتنع الناس من قبول الأمانات مع الحاجة إليه، وكذا إن لم يذكر سببًا، ولا يقبل دعواه التلف بسبب ظاهر، كحريق، ونهب، إلا ببينة تشهد بوجوده، ثم يحلف أنها ضاعت به، ويصدق بيمينه في عدم خيانة (و) في (عدم تفريط وتعدٍّ) فيها، لأنه أمين، والأصل براءته (وفي الإذن) في دفعها إلى غير ربها، كما تقدم (١). وفيه تكرار.

(وإن أودع اثنان) واحدًا (مكيلًا أو موزونًا يُقْسَمُ) إجبارًا (فطلب أحدهما نصيبه لغيبة شريك أو) مع حضوره، و (امتناعه) من أخذ نصيبه، أو من الإذن لشريكه في أخذ نصيبه (سلم إليه) أي الطالب، نصيبه وجوبًا، لأنه حق مشترك يمكن فيه تمييز نصيب أحد الشريكين من نصيب الآخر، بغير غبن ولا ضرر، أشبه ما لو كان متميزًا، فإن كان المشترك غير مكيل وموزون، أو كان كذلك، لكن لا ينقسم لصناعة فيه، كآنية نحاس، ونحوها، وحلي مباح، أو مختلف الأجزاء ونحوه، لم يسلم إليه، إلا بإذن شريكه، أو حاكم، لأن قسمته لا يؤمن عليها الحيف، لافتقارها إلى التقويم، وهو ظن وتخمين (ولمودَع ومضارب ومرتهن ومستأجر) قال الشيخ منصور -رحمه اللَّه-: قلت ومثلهم العدل بيده الرهن، والأجير على حفظ عين والوكيل فيه، والمستعير، والمجاعل على عملها (٢)، انتهى (إن غصبت العين) المودعة، وما عطف عليها (المطالبة بها) من غاصبها، لأنها من جملة حفظها المأمور به، ولا يضمن مودع أكره على دفع الوديعة إلى غير ربها، كما لو أخذها منه قهرًا، لأن الإكراه عذر يبيح له دفعها، فإن طلب يمينه أن لا وديعة لفلان عنده، ولم يجد بدًّا من الحلف، لتغلب الصالب عليه بسلطنة، أو تلصص، ولا يمكنه الخلاص منه إلا بالحلف، حلف متأولًا، ولم يحنث،


(١) في الصفحة السابقة.
(٢) "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٤٥٨).