وإن دفع الوديعة مستودع إلى من يحفظ ماله عادة، كزوجته، وعبده، وخازنه، فتلفت، لم يضمن، لأنه مأذون فيه عادة، أشبه ما لو سلم الماشية إلى الراعي، أو دفعها لعذر كمن حضره الموت، أو أراد سفرًا إلى أجنبي ثقة، أو إلى حاكم، فتلفت، لم يضمن، وإلا يكن له عذر، ضمن لتعديه، لأنه ليس له أن يودع بلا عذر، ولمالك مطالبة الأجنبي -أيضًا- ببدل الوديعة، لأنه قبض ما ليس له قبضه، أشبه المودع من الغاصب، وعليه قرار الضمان، إن علم الحال، لتعديه، فإن لم يعلم فعلى وديع أول، لأنه غرّه.
ومن أراد سفرًا، أو خاف على الوديعة عنده ردها إلى مالكها، أو إلى من يحفظ ماله عادة، أو إلى وكيله في قبضها، إن كان، لأن فيه تخلصًا له من دركها، وإيصالًا للحق إلى مستحقه، فإن لم يجده، ولا وكيله، حملها معه إن كان أحفظ لها، ولم ينهه مالكها عنه، لأنه موضع حاجة، فإن تلفت لم يضمن.
(ويقبل قول مودعَ في ردها) أي الوديعة (إلى ربها) أو إلى من يحفظ ماله بيمينه، لأنه لا منفعة له في قبضها، أشبه الوكيل بلا جعل (أو) ردها إلى (غيره بإذنه) أي: ويقبل قول مودع في رد الوديعة إلى غير ربها بإذنه، بيمينه، نصًّا (١)، لأنه ادعى دفعًا يبرأ به من رد الوديعة، أشبه ما لو ادعى الرد إلى مالكها، ولا يلزم المدعى عليه للمالك غير اليمين، ما لم يقر بالقبض، و (لا) يقبل قول مودع في ردها إلى (وارثه) أي المالك إلا ببينة، لأنهم لم يأتمنوه، وإن ادعى ردًّا بعد مطله بلا عذر، أو بعد منعه منها، لم يقبل إلا ببينة، لأنه صار ضامنًا، كالغاصب، أو ادعى ورثة مودعَ ردًّا منهم، أو من مورثهم، ولو لمالك، لم يقبل ذلك إلا ببينة، لأنهم غير مؤتمين عليها من قبل مالكها، وكذا لو ادعى ملتقط، أو من أطارت الريح إلى داره ثوبًا ونحوه، فلا يقبل إلا ببينة.