للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وانظر كيف جاء في أفصح الكلام كلام الله (ولا يتمنونه أبدًا) بحرف (لا) في الموضع الذي أقترن به حرف الشرط بالفعل، فصار من صيغ العموم، فانسحب على جميع الأزمنة وهو قوله عز وجل: {إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت} .. وقال في سورة البقرة (ولن يتمنوه) فقصر من سعة النفي، وقرب، لأن قبله (قل إن كانت لكم الدار الآخرة) لأن (أن) و (كان) هنا ليست من صيغ العموم (١).

قيل: وهذا ايضا باطل، بل أن كلا منهما يستعمل حيث يمتد النفي وحيث لا يمتد فمن الأول في لن: {إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا} [الجاثية: ١٩]: {فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا} [البقرة: ٢٤]. و (لا) {إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى} [طه: ١١٨].

ومن الثاني في (لن) [فلن أكلم اليوم إنسيا] [مريم: ٢٦]، وفي (لا) (ألا تكلم الناس ثلاثة أيام) [آل عمران: ٤٢] (٢).

على أنه قيل بالعكس، فقد ذهب جماعة إلى أن (لن) تفيد التأبيد، بخلاف (لا) كما أسلفنا.

٤ - وذهب بعضهم إلى أن العرب تنفي المظنون بـ (لن)، والمشكوك فيه بـ (لا)، أي أنه إذا كان الشيء ممكنا عند المخاطب مظنونا وقوعه، نفي بـ (لن) وإذا كان مشكوكا في وقوعه كان تقول: أيكون أم لا يكون؟ قلت في نفيه:

لا يكون (٣).

هذا أبرز ما قيل في التفريق بينهما.


(١) بدائع الفوائد ١/ ٩٥ - ٩٦
(٢) الأشباه ٢/ ٩ - ١٠
(٣) انظر الاتقان ١/ ١٢ - بدائع الفوائد ١/ ٩٧

<<  <  ج: ص:  >  >>