للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن دلالة فعل الأمر على المضي أن تقول: (كن قد اطعت وسمعت لفلان) و (كن قد نفذت وصيتي) و (لتكن قد فعلت الخير) فهذا كله من باب الأمر الواقع في الزمن الماضي وهو مقابل النهي عن امر حدث في الزمن الماضي في نحو قولك: (لا تكن قد أسألت إليه) و (لا تكن قد غششت أحدًا).

والحق أنه ليس في يدي شاهد على نحو قولنا (كن قد أطعت له) ولكن مؤدي قول النحاة جواز ذلك، فإنهم جوزوا وقوع الفعل الماضي خبرا لكان، وشواهده كثيرة من القرآن وغيره، وذلك نحو قوله تعالى: {ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل} [الأحزاب: ١٥]، وقوله: {عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون} [النمل: ٧٢]، وقوله: {وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم} [الأعراف: ١٨٥]، وقوله: {لا ينفع نفسا إيمانها لو تكن آمنت من قبل} [الأنعام: ١٥٨]، وقوله: {فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم} [النساء: ٢٣].

قال امرء القيس:

وإن تك قد ساءتك مني خليقة ... فسلي ثيابي من ثيابك تنسل

ولم يستثنوا وقوعه خبرا لأمر " كان"، مع أنهم ذكروا ما لا يصح وقوعه خبرا للأفعال الناقصة، فقد ذكروا أن خبر الأفعال الناقصة لا يكون جملة طلبية، ولا يكون خبر صار وما بمعناها ماضيا (١).

وعلى آية حال فالشواهد كثيرة على دلالة الأمر على الماضي، وذكرنا ما فيه الكفاية.

٤ - الأمر المستمر: وذلك نحو قوله تعالى: {وقولوا للناس حسنا} [البقرة: ٨٣]، قوله: {كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم} [النساء: ١٣٥]، وقوله في معاملة الأبوين: {وصاحبهما في الدنيا معروفا} [لقما: ١٥]، وقوله: {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه} [الملك: ١٥] وقوله: {وأوحي ربك إلى النخل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما


(١) انظر الهمع ١/ ١٣

<<  <  ج: ص:  >  >>