للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يعلم حقيقته البشر فإننا لا ندري من أقرب لنا نفعًا آباؤنا أو أبناؤنا. والمطلوب من الشارع أن يكون عارفًا بالأمر قبل وقوعه، حتى يكون تشريعه سليما صحيحا، ونحن لا نعلم بالشيء إلا بعد وقوعه أو بعد ظهور الأمارات الدالة عليه، ولكن الله عليم بذلك منذ الأزال فناسب أن يجيء بكان مقابل جهل الإنسان المستمر فإنه لما ذكر طبيعة الإنسان في الجهل بقوله: {آباؤك وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا} ناسب ذلك أن يجيء بعلم الله وحكمته القديمين فقال: {إن الله كان عليمًا حكيمًا}، والله أعلم.

٥ - الدلالة على الحال، وجعل منه قوله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس} [آل عمران: ١١٠]، وقوله: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} [النساء: ١٠٣] (١)، ومنه قوله تعالى: {مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين} [النمل: ٢٠]، وقوله: {لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين} [يس: ٧٠]، وقوله: {اما كان محمدٌ أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبين} [الأحزاب: ٤٠].

والذي أراه أنها بمعنى المضي فمعنى قوله: {كنت خير أمة}: "وجدتم خير أمة، وقيل كنتم في علم الله خير أمة، وقيل كنتم في الأمم مذكورين بأنك خير أمة موصوفين به" (٢)، وقوله: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتا} أي فرضت عليهم أو كتبت عليهم كما قال تعالى: {يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام} [البقرة: ١٨٣]، فهي مفروضة على المؤمنين منذ القديم. وكذلك البواقي.

٦ - الإستقبال: وجعل منه قوله تعالى: {ويخافون يومًا كان شره مستطيرا} [الإنسان: ٧] (٣)، ونحوه قوله تعالى: {إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا} [الإنسان: ٥]، وقوله: {إن الإنسان أمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا} [الكهف: ١٠٧].


(١) الاتقان ١/ ١٦٨، البرهان ٤/ ١٢٧
(٢) الكشاف ١/ ٣٤٢
(٣) الاتقان ١/ ١٦٨، البرهان ٤/ ١٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>