وقوله في سورة الشعراء:{قالوا إنما أنت من المسخرين وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين قال ربي أعلم بما تعملون، فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذا يوم عظيم}[١٨٥ - ١٨٩].
فأنت ترى أنه قال في سياق آيات الأعراف:{وإنا لنظنك من الكاذبين}. وفي سياق آيات الشعراء:{وإن نظنك لمن الكاذبين}.
ويظهر سياق الآيات أن التكذيب في آيات الأعراف أشد منه في آيات الشعراء، والذي يوضح ذلك أه في آيات الأعراف قال:{قال الملأ الذين كفروا من قومه} بخلاف آيات الشعراء فإنه قال: {قالوا إنما أنت من المسحرين}.
وأنت ترى الفرق بين القائلين، ففي الآيات الأولى قول الملأ الذين كفروا، والقائلون في الآيات الثانية مختلطون فإن فيهم الشديد التكذيب والقليل والأمعة والخائف فهو تكذيب مختلط لا يصل إلى تكذيب الذي كفروا خصوصا. والذي يدل على ذلك قوله تعالى بعد آيات الشعراء:{إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين} أي أن فيهم قلة مؤمنة فهو نسب الكلام في آيات الشعراء إلى أصحاب الأيكة عموما بخلاف آيات الأعراف فإنه نسب الكلام إلى الذين كفروا خاصة.
ثم انظر إلى السياق مرة أخرى وكيف تعقب الرسول كلام قومه بعد كل من الآيتين يتبين لك ما ذكرته واضحًا، فإن هودا عليه السلام رد على قومه بآيات عدة (قال يا قوم ليس بي سفاهة .. إلخ) بخلاف آية الشعراء فإنه لم يزد على قوله (قال ربي أعلم بما تعملون).
ومن هنا يتبين الفرق واضحًا بين التعبيرين، فدل ذلك على أن (إنّ) الثقيلة آكد من الخفيفة.