للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هذا الباب قوله تعالى: {وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين} [هود: ٦٧]، وهو نظير ما مر لأن الكلام على الذين ظلموا وعاقبتهم، وهذا بخلاف قوله تعالى {كذبت قوم نوح المرسلين} [الشعراء: ١٠٥]، {كذبت ثمود المرسلين} [الشعراء: ١٤١]، فإنه أخذ يسرد أحوال هؤلاء المكذبين ثم عاقبتهم، فكان المناسب تقديمهم، وكذلك قوله {وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال} [الرعد: ١١]، فإن المراد بيان أن إرادة الله لا تقهر ولا تغلب، ولا راد لها فإذا أراد الله امرا أنفذه، فالمناسب هنا تقديم الفاعل (الله)، ثم إن السياق، في بيان قدرة الله تعالى وبالغ علمه وقوته: {الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى. يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون. وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشى الليل النهار إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون. وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون، وإن تعجب فعجب قولهم أذنا كنا ترابا أءنا لفي خلق جديد أولئك الذين كفروا بربهم وأولئك الأغلال في أعناقهم وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون. ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب، ويقول الذي كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه إنما أنت منذر ولكل قوم هاد. الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال. سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار، له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا اراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال، هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشيء السحاب الثقال} [الرعد: ٢ - ١٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>