للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال في خرق السفينة: {فأردت أن أعيبها} وقال في قتل الغلام: {فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة واقرب رحما} وقال في إقامة الجدار {فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما}. وهذا داخل فيما ذكرناه من هذه الظاهرة، فإنه نسب العيب إلى نفسه ولم ينسبه إلى الله تعالى تنزيها له، فقال {فأردت أن أعيبها} (١) اما في قتل الغلام فجاء في بالضمير مشتركا لأن العمل مشترك فإن فيه قتل غلام وهو في ظاهر الأمر شر، وإبدال خير منه وهو خير فجاء بالضمير المشترك للعمل المشترك ثم قال: {يبدلهما ربهما خيرا منه} فأسند الإبدال إلى الله وحده. وأما إقامة الجدار فعمل كله خير فأسنده إلى الله سبحانه فقال: {فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما}.

ومن ذلك قوله تعالى {واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان} [الحجرات: ٧]، فأسند تزيين الإيمان في القلوب إلى ذاته سبحانه.

وقال: {زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة} [آل عمران: ١٤]، فبني تزين حب الشهوات للمجهول، ولم ينسبه إلى نفسه، وقال: {إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب} [الصافات: ٦].

وقال: {ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح} [الملك: ٥]. وقال: {ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين} [الحجر: ١٦]. فأسند هذا التزيين الحسن إلى ذاته.

وقال: {زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين أمنوا} [البقرة: ٢١٢]، وقال: {بل زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل} [الرعد: ٣٣]، وقال: {كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون} [الأنعام: ١٢٢].


(١) انظر بدائع الفوائد ٢/ ١٨ - ١٩، التفسير القيم ١٢ - ١٣، ٥٥٥ - ٥٥٦

<<  <  ج: ص:  >  >>