للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد يكتسب بحذف الموصوف معنى المفعولية والمصدرية، كأن تقول: هو لا يفقه إلا قليلا قال تعالى: {بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا} [الفتح: ١٥]، فقد يحتمل أن يراد بـ (قليل) المفعولية، أي إلا قليلا من الأمور، وقد يحتمل المصدرية، أي فقها قليلا، وقد جمع المعنيين بحذف الموصوف أي لا يفقهون إلا قليلا من الأمور فقها قليلا والله أعلم.

فإن أريد التنصيص على المصدرية، جيء بالمصدرية، كقوله تعالى: {يا أيها الذين أمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا} [الأحزاب: ٤١ - ٤٢].

وربما لا يؤدي ذكر المصدر إلا مجرد التوكيد لا التنصيص كأن تقول (نمت عميقا) فأنت هنا ذكرت الصفة، ولو قلت: (نمت نوما عميقا) لكان أفاد التوكيد، إضافة إلى الوصف، ونحوه أن تقول: (أهجر جميلا واصبر جميلا) فهنا حذفت المصدر وجئت بصفته، لأن الغرض تعلق بذكر الصفة، أما المصدر فإنه مفهوم، ولو ذكرته لأفاد ذكره التوكيد، كما في (نمت عميقا).

وقد يؤدي مثل هذا التوسع الذي ذكرناه أن تأتي باسم جامد بدل المصدر، كقوله تعالى: {ولا يظلمون فتيلا} [النساء: ٤٩]، فقد يراد بالفتيل هنا معناه الحقيقي وهو مقدار فتيل، والفتيل الخيط الذي في شق النواة فيكون مفعولا به، وقد يكون المقصود، ولا يظلمون ظلما مقدار فتيل، أي ظلما قليلا، فيكون المراد بالفتيل المصدر، فيكون مفعولا مطلقا، هذا توسع في المعنى، فقد كسبنا معنى المفعولية والمصدرية في آن واحد، فالظلم ههنا منفي من جهتين: المصدرية والمادية.

ومثله قوله تعالى: {إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا}. [آل عمران: ١١٦]، فقد يكون المعنى لن تغني عنهم ولا أولادهم من الله إغناء، ولو قل فيكون المراد بـ (شيء) المصدر، وقد يكون المراد بالشيء الشيء المادي.

ونحوه: {إن الله لا يظلم الناس شيئا} [يونس: ٤٤]، فقد يكون الشيء كناية عن الظلم فيكون المعنى أن الله لا يظلم الناس ظلما، وإن قل فيكون مفعولا مطلقا، وقد يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>