(شيء) هنا شيئا ماديا، فيكون مفعولا به، والمعنيان مرادان والله أعلم.
ومنه قوله تعالى:{من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا}[البقرة: ٢٤٥]، فقد يراد به ما يقرض فيكون مفعولا به، وقد يراد به إقراضا حسنا، فيكون مفعولا مطلقا، وقد كسب المعنيين في هذا التعبير.
ومثله قوله تعالى:{ولا تشركوا به شيئا}[النساء: ٣٦]، فقد يكون الشيء كناية عن الشرك، أي لا تشركوا به شيئا من الشرك، وإن قل، وقد يراد بالشيء المخلوقات مما يعبد من دون الله، والمعنيان مرادان، والله أعلم.
وقد يتسع به أكثر من هذا فيؤدي أكثر من معنيين، وذلك نحو قوله تعالى:{وبصدهم عن سبيل الله كثيرا}[النساء: ١٦٠]، فهنا يحتمل أن يكون المراد بـ (كثير) المصدر أي صدا كثيرا، ويحتمل أن يراد به الوقت، أي وقتا كثيرا، ويحتمل أن يراد الخلق أي خلقا كثيرا، فجمعت ثلاثة معان في آن واحد، وهو توسع في التعبير كثير.
وقد يكون التوسع على نحو آخر، وذلك أن يؤتي بملاقي الفعل في الاشتقاق فنكتسب معنيين وذلك نحو قوله تعالى:{وتبتل إليه تبتيلا}[المزمل: ٨]، فقد جاء بالفعل (تبتل) لكن لم يجيء بمصدره، وإنما جاء بمصدر (بتل)، فمن المعلوم أن صدر تبتل هو التبتل كتعلم تعلم، أما التبتيل فهو مصدر (بتل) مثل علم تعليم، فجاء بالفعل (تبتل) ولكن لم يجيء بمصدره، وإنما جاء بمصدر فعل آخر، فجمع معنيين في آن واحد.
وتوضيح ذلك أن تبتل على وزن (تفعل) وهو يفيد التدرج. والتكلف، نحو تحسي الماء، أي شربه حسوة حسوة، وتجرع الدواء أي شربه جرعة جرعة، ونحوه تحسس وتجسس ونحو مشي وتمشى، أي تدرج في المشى، وخطا وتخطى.
أما (فعل) فيفيد التكثير وذلك نحو كسر وكسر، فكسر يفيد التكثير والمبالغة تقول: كسرت القلم وكسرته، ففي كسرته تكثير، ومثله قطع اللحم وقطعه، فالتقطيع يفيد التكثير، ونحو ذبح، فجاء بالفعل الدال على التدرج والتكلف، وهو (تبتل) والمصدر