فاتضح بهذا أن المصدر المؤكد غير النائب كل يؤدي معنى، ووظيفتها مختلفة في الجملة.
وقد تقول: وما الفرق بين قولنا:
إصبر يا خالد .. وصبرا يا خالد
سقاك الله .. وسقيا لك
والجواب عن ذلك أن صبرا مصدر واصبر فعل، والمصدر أقوى وأثبت من الفعل: ثم أن المصدر هو الحدث المجرد، والفعل هو الحدث المقترن بالزمن، فأنت حين تأمر بالمصدر فقد امرت بالحدث المجرد، وهو آكد من الفعل لمجيئنا بالحدث وحده، وذكر الرضي أنه حذف إبانة لقصد الدوام واللزوم، بحذف ما هو موضوع للحدث والتجدد، أي الفعل، في نحو حمدا لك، وشكرا لك، وعجبا منك، ومعاذ الله وسبحان الله (١).
ولعله يقصد إلى أنه أدوم من الفعل، وأثبت منه، أما الرفع فإنه أدوم منهما وأثبت، وهو نظير الفعل، واسم الفاعل، والصفة المشبهة، فاسم الفاعل أثبت من الفعل، والصفة المشبهة أثبت من اسم الفاعل، نحو ساد سائد وسيد.
ثم أن الفعل قد يكون بصيغ متعددة، فقد يكون ماضيا ومضارعا، وأمرا، نحو قولك سقاك الله، ويرعاك الله، فإذا جئت بالمصدر فقلت: سقيا لك، ورعيا لك، فقد جئت بالحدث بلا دلالة على زمن.
ثم أن الفعل لابد له من فاعل، غير أنه قد يكون الغرض لا يتعلق بذكر الفاعل وإنما يتعلق بالحدث المأمور به، أو المدعو به، وهو المصدر، نحو سقيا لك، وسقاك الله، فإذا قلت: سقاك الله وسقتك الغوادي، فقد ذكرت الفاعل، لأنه تعلق غرض بذكره، ونحوه إذا قلت قوما وقوموا، وقمن، وربما لم يتعلق غرض بذكره، فلا تأتي به،