نحو قوله تعالى:{والذين كفروا فتعسا لهم}[محمد: ٨]، فهو دعاء بالتعس غير مقيد بزمن، ولا بفاعل معين، بل هو تعس عام، ونحو قوله تعالى:{وقيل بعدا للقوم الظالمين}[هود: ٤٤]، فهذا دعاء بالهلاك غير مقيد بزمن ولا بفاعل.
جاء في (الأشباه والنظائر) أن الحدث على ثلاثة أضرب، ضرب يحتاج إلى الاخبار عن فاعله، وإلى اختلاف أحوال الحدث فيشتق منه الفعل، دلالة على كون الفاعل مخبرا عنه وتختلف أبنيته دلالة على اختلاف أحوال الحدث.
وضرب يحتاج إلى الإخبار عن فاعله على الإطلاق، من غير تقييد بوقت، ولا حال فيشتق منه الفعل ولا تختلف أبنيته.
وضرب لا يحتاج إلى الخبار عن فاعله، لكن يحتاج إلى ذكره خاصة على الإطلاق مضافا إلى ما بعده نحو (سبحان الله)، فإنه ينبيء عن العظمة والتنزيه، فوقع القصد إلى ذكره مجردا من التقييدات بالزمان، أو بالأحوال، ولذلك وجب نصبه، كما يجب كل مقصود إليه بالذكر نحو: إياك وويله، وويحه، وهما مصدران لم يشتق منهما فعل، حيث لم يحتج إلى الأخبار عن فاعلهما ولا إلى تخصيصها بزمن، ونصبها كنصبه لأنه مقصود إليه (١).
وأما رفع المصادر هذه فدلالة على الثبوت والاستقرار كما سبق تفصيله في باب المبتدأ والخبر، تقول (صبرا جميلا) إذا أمرت بالصبر، فإن قلت (صبر جميل) كان امرا بالصبر الدائم الطويل، وهو بمعنى المصدر المنصوب إلا أنه أثبت وأدوم، وكما أن المصدر المنصوب إلا أنه أثبت وأدوم، وكما أن المصدر المنصوب للدلالة على الأمر لا فعل له، فالمرفوع لا مبتدأ له.
قال ابو البقاء: " والرفع في باب المصادر التي أصلها النيابة عن افعال يدل على الثبوت والاستقرار، بخلاف النصب فلا يدل إلا على التحدث والحدوث المستفاد من عامله