جاء في النحل:{قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون}[النحل: ٢٦].
وقال:{هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك كذلك فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون. فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباءنا ولا حرمنا من دونه من شيء، كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ المبين. ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين}. [النحل: ٣٣ - ٣٦].
فهذا يدل على أن هذا شأن القرى من رسلهم منذ القديم، ثم قال:{والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسن ولآجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون}[النحل: ٤١]، أي هاجروا من بعد الظلم، فلم يكن فاصل بين الظلم والهجرة، ولو قال (بعد ما ظلموا) لاحتمل أن ثم مدة ليس فيها ظلم لأنه بعد الظلم قد يحتمل الطول والقصر بخلاف قوله (من بعد ما ظلموا).
ثم قال:{وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم .. } أي هذا هو الشأن منذ القديم ابتداء من قبلك إلى الأقدم ثم قال {أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون}[النحل: ٤٥]، وهو فعل مشابهة لفعل الذين من قبلهم (قد مكر الذين من قبلهم) فهو خط واحد من الأول إلى الآخر.
وأما سورة الأنبياء فليس فيها مثل هذا المعنى ولا القصد أن هذا شأنهم من القديم وإليك الآيات:
{اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون، ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون، لاهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون، قال ربي يعلم القول في السماء والأرض وهو السميع