المنافقين وأنتم فئتان) لتغير المعنى، فالأولى سؤال عن سبب انقسامهم فئتين، والثانية سؤال عما حصل لهم في أمر المنافقين عندما كانوا فئتين.
وتقول (بعثه قائدا عليهم) أي جعله قائدًا عليهم، كما قال تعالى:{إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا}[البقرة: ٢٤٧]، ولو قال:(بعثه وهو ملك) لكان المعنى أنه بعثه عندما كان ملكا، أي كان ملكا قبل أن يبعث عليهم، ونحوه إذا قلت (بعثه وهو قادئد) فمعناه أنه أرسله حين كان قائدا، فالقيادة حالة المستقرة، ولو قال (بعثه قائدا) لكان المعنى أنه جعله قائدا عليهم، ولم تكن تلك حاله المستقرة قبل بعثه.
جاء في (الأصول) أن الرجل: إذا قال: بعتك هذا الطعام مكيلا، وهذا الثوب مقصورا فعليه أن يسلمه إليه مكيلا ومقصورا.
وإذا قال:(بعتك وهو مكيل) فإنما باعه شيئا موصوفا بالكيل ولم يتضمنه البيع" (١).
فجعل الكيل قبل البيع.
قال تعالى:{فقعوا له ساجدين}[ص: ٧٢]، ولو قال:(فقعوا له وأنتم ساجدون) لاحتمل أن يكون أمرًا بوقوعهم، حين يكونون ساجدين، فالسجود حالهم المستقرة قبل الوقوع وهذا غير جائز.
ومثله قوله تعالى:{يخرون للأذقان سجدا}[الإسراء: ١٠٧]، ولو قال (وهم سجد) لاحتمل المعنى أنهم يخرون للأذقان، حين يكونون سجدا، أي وهذه حالهم.
وهذا غير مراد إذ كيف يخرون للأذقان حين يكونون ساجدين؟
وقال تعالى:{والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا}[الفرقان: ٧٣]، ولم يقل (لم يخروا عليها وهم صم وعميان) لأن المعنى يكون عند ذاك، أن حالهم المستقرة الصم والعمى.