للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال تعالى على لسان سليمان (ع) " {ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون} [النمل: ٣٧]، وقال: {ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة} [آل عمران: ١٢٣].

فالأولى (أذلة) بدون واو لأن الذلة سيكون مقارنا للخروج، ولم يكونوا قبل ذلك أذلة، أما الثانية فمعناها أنه نصرهم وهذه حالهم المستقرة، أي كانوا أذلة قبل النصر، أي نصرك إذ كنت أذلة أي حين كنتم أذلة.

فالواو تكون لما قد استقر، ولذا لا تكون الجملة المسبوقة بالواو مقدرة، أي مستقبلة قال تعالى: {وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها} [التوبة: ٦٨]، فـ (خالدين) حال مستقبلة، فالخولد يكون بعد الوعد، لا مقارنا له، ولو قال (وعدهم وهم خالدون) لكان المعنى أن الوعد حصل حين خلودهم.

وقال: {وبشرناه بإسحاق نبينا من الصالحين} [الصافات: ١١٢]، فـ (نبيا) حال مقدرة لأنها بعد البشرى، ولو قال (وهو نبي) لكان المعنى أنه بشره بإسحاق، حين كان اسحاق نبيا وهو مستحيل فالمسبوقة بالواو لا تكون مقدرة.

ثن أن واو الحال ليست بمعنى (إذ) دوما، بل هو الغالب كما ذكرنا، فقد تكون الجملة قبلها مستقبلة، فتمتنع أن تكون بمعنى (إذ)، لأن (إذ) للمضي في الغالب، وذلك نحو (سأجيئك والليل ساج) أي وقت الليل ساج، فهي بمعنى (وقت)، وهذا الوقت قد يكون ماضيا وقد يكون غيره، بحسب الجملة.

وأما قوله تعالى: {وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم} [الحجر: ٤]، فليست فيه الجملة بعد الواو صفة، بل الواو واو الحال، بخلاف (لها منذرون) في قوله تعالى: {وما أهلكنا من قرية إلا لها منذورن} [الشعراء: ٢٠٨]، فإنها تحتمل الوصفية والحالية، فقد يؤتى بالواو للفصل بين الحال والنعت، ولكن قصد، فأنت تقول (ما مررت برجل إلا له مال) و (ما مررت برجل إلا وله مال) فمعنى الأولى أنك إذا مررت برجل ذي مال، أي غني وإنك لم تمر إلا برجل غني.

<<  <  ج: ص:  >  >>